الإمارات والريادة في الذكاء الاصطناعي
‎جريدة الإتحاد -
[unable to retrieve full-text content]

 تناولنا في المقالات السابقة العديد من الجوانب المتعلقة بالذكاء الاصطناعي والذي يُهيمن يوماً بعد يوم على مختلف مناحي الحياة البشرية حيث تنتشر برامجه في شتى القطاعات مثل التعليم والصحة والهندسة بتخصصاتها كافة. واستعرضنا أيضاً مدى التأثير الذي يُحدثه الذكاء الاصطناعي في سوق العمل بجانب أهمية تدريس المهارات الخاصة به في مراحل التعليم المختلفة، ثم أوضحنا الجوانب الأخلاقية في استخدام الذكاء الاصطناعي.

والملاحظ أن الذكاء الاصطناعي أصبح يحتل مرتبة متقدمة في مجالات التنافس بين أكبر قوتين اقتصاديتين على الأرض حالياً، الولايات المتحدة الأميركية والصين واللتين تسعيان بقوة للسيطرة على تقنياته واستخداماته، وبالتالي الهيمنة على مستقبل البشرية. وفي ظل ذلك الصراع الأميركي – الصيني، فإن دولة الإمارات العربية المتحدة قد تنبهت منذ أعوام لأهمية الذكاء الاصطناعي في حياتنا، الأمر الذي يمنحها الفرصة لتبوؤ مركز الصدارة على مستوى المنطقة في ذلك المجال، ولنستشهد على ذلك ببعض المؤشرات الاستراتيجية.

في العام 2017، أطلقت حكومة الإمارات «استراتيجية الإمارات للذكاء الاصطناعي»، وهي الأولى من نوعها في المنطقة، وقد وضعت العديد من الأهداف، ومن ضمنها: الاعتماد على الذكاء الاصطناعي في الخدمات وتحليل البيانات بمعدل 100% بحلول عام 2031، وأن تكون حكومة الإمارات الأولى في العالم في استثمار الذكاء الاصطناعي في مختلف قطاعاتها الحيوية، واستثمار أحدث تقنيات وأدوات الذكاء الاصطناعي وتطبيقها في شتى ميادين العمل بكفاءة رفيعة المستوى. وفي العام 2024، أصدرت الحكومة وثيقة تتعلق بموقف الإمارات حول سياسة الذكاء الاصطناعي على المستوى الدولي، والتي حوت ضمن أهدافها «ترسيخ المكانة الاستراتيجية للدولة بوصفها رائدة عالمية في مجال الذكاء الاصطناعي، وتعزيز موقع الإمارات كمركز لابتكارات الذكاء الاصطناعي من خلال التعاون الدولي، بما يحفز التنوع الاقتصادي، ويرتقي بجودة حياة المقيمين في الدولة والمجتمع الدولي ككل». وقد أكدت الوثيقة أيضاً التزام الدولة بالمعايير الأخلاقية للذكاء الاصطناعي، وقد ظهر ذلك من خلال اعتماد إطار «مبادئ وأخلاقيات الذكاء الاصطناعي» الذي يحدد 8 مبادئ للحفاظ على القيم الإنسانية وضمان المعاملة العادلة والآمنة لجميع أفراد المجتمع، وهي: العدالة والمسؤولية، والشفافية، والقابلية للتفسير، والمرونة، والسلامة، والقيم الإنسانية، والاستدامة، وحماية الخصوصية.

   وفي العام 2107 والعام 2024 كانت دولة الإمارات الأولى على مستوى العالم التي تستحدث منصبين تنفيذيين على قدر كبير من الأهمية وهما «وزير الذكاء الاصطناعي»، و«الرئيس التنفيذي للذكاء الاصطناعي» في الوزارات والجهات الاتحادية على التوالي. كما أطلقت حكومة الإمارات جائزة الإمارات للذكاء الاصطناعي التي تهدف إلى تكريم الجهات الحكومية الاتحادية والمحلية وشبه الحكومية التي تتميز بأفضل حالات الاستخدام في تبسيط وتوسعة، وتحسين الخدمات الحكومية من خلال الحلول المدعومة بالذكاء الاصطناعي. ومؤخراً أعلنت الإمارات إطاراً استثمارياً مدته 10 سنوات بقيمة 1.4 تريليون دولار في الولايات المتحدة، في العديد من المجالات الاستراتيجية، أبرزها البنية التحتية للذكاء الاصطناعي. وتؤكد تلك المؤشرات والمشاريع كافة على قدرة دولة الإمارات على قيادة المنطقة في مجال الذكاء الاصطناعي، وذلك بما تمتلكه من رؤية استراتيجية واضحة ترجمتها تشريعات وقوانين، وتعززها بنية تحتية تقنية حديثة وقوية ومرنة، تقوم عليها سواعد وطنية مجتهدة.

*باحث إماراتي



إقرأ المزيد