جريدة الإتحاد - 5/12/2025 11:21:02 PM - GMT (+4 )

في السادس من مايو كل عام، تستعيد الإمارات واحدة من أهم المحطات المفصلية في تاريخها الوطني الحديث، وهي ذكرى توحيد القوات المسلحة تحت راية واحدة وقيادة مركزية موحدة في عام 1976.
هذا القرار التاريخي الذي اتخذه القائد المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان وإخوانه أعضاء المجلس الأعلى للاتحاد، لم يكن مجرد خطوة تنظيمية، بل كان حجر الأساس في بناء قوة وطنية موحدة تمثل الركيزة الصلبة لأمن الدولة واستقرارها وازدهارها.
لقد شكّل توحيد القوات المسلحة انطلاقة نوعية نحو ترسيخ مفاهيم الوحدة الوطنية، وتجسيد الإرادة السياسية الحكيمة، والرؤية الاستراتيجية الثاقبة لقيادتنا. فمنذ ذلك اليوم، أصبحت قواتنا المسلحة الحصن الحصين الذي يحمي الوطن، ويصون مكتسباته، ويرفع رايته خفاقة في ميادين العزة والكرامة.
على مدى ما يقارب نصف قرن، أثبتت قواتنا المسلحة أنها ليست فقط قوة دفاعية بالمعنى التقليدي، بل هي مؤسسة وطنية شاملة، تسهم في بناء الدولة، وتعزيز وحدتها، وترسيخ هويتها. وقد أدركت القيادة الرشيدة منذ البدايات أن بناء الجيش ليس فقط بناءً للتسليح والمعدات، بل هو بناء للإنسان، وتكوين للعقول، وتأسيس للانضباط والمسؤولية والولاء.
ولعل أبرز ما يعكس هذه الرؤية، هو إطلاق نظام الخدمة الوطنية عام 2014 الذي ساهم في تعزيز روح المواطنة والانتماء، ووحّد صفوف الشباب الإماراتي تحت لواء الوطن، وخلق جيلاً منضبطاً مدرباً، مستعداً للدفاع عن الأرض والهوية في كل لحظة.
وتتجلى قوة القوات المسلحة الإماراتية اليوم في جاهزيتها العالية، وتطور قدراتها النوعية، حيث تمتلك أحدث الأنظمة الدفاعية والهجومية، وتستند إلى منظومة تدريبية متكاملة تجمع بين الكفاءة التكنولوجية والخبرة الميدانية. لقد أولت القيادة الرشيدة اهتماماً خاصاً ببناء جيش عصري، يواكب المستجدات العسكرية العالمية، ويملك القدرة على الاستجابة السريعة لمختلف التهديدات. وتنعكس هذه الجاهزية في استعداد القوات لتنفيذ المهام الدفاعية والإنسانية داخل الدولة وخارجها بكفاءة واحترافية شهد لها العالم، مما جعل الإمارات في مصاف الدول التي تمتلك قوات مسلحة عصرية قادرة على فرض الأمن والاستقرار، وصون السيادة الوطنية.
ولا يقتصر دور قواتنا المسلحة على حماية الحدود وصون السيادة، بل يمتد ليشمل المشاركة الفاعلة في مشاريع التنمية الوطنية الكبرى، ومساندة جهود الدولة في أوقات الأزمات. وخلال جائحة كوفيد-19، كان حضورها لافتاً في إنشاء المستشفيات الميدانية، وتقديم الدعم اللوجستي، وتوزيع المساعدات، ما يجسد دورها المحوري في منظومة الأمن الوطني الشامل.
كما تواكب قواتنا المسلحة متغيرات الأمن القومي الحديث، حيث باتت تؤدي أدواراً استراتيجية في حماية الموارد الحيوية، مثل المنشآت النفطية والموانئ والممرات البحرية. هذا التطور في المهام يعكس مرونة المؤسسة العسكرية، ومدى تكيفها مع التحديات المعاصرة. وعلى المستوى الإقليمي والدولي، أثبتت قواتنا المسلحة أنها قوة سلام، وأداة دعم واستقرار.
ومن مشاركاتها في مهام حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة، إلى جهودها في تقديم الإغاثات الإنسانية في مناطق الكوارث، جسّدت قواتنا نهج الإمارات الإنساني، وسياساتها الخارجية القائمة على نصرة الحق، ودعم الأشقاء، ومساعدة المحتاجين.
ما حققته قواتنا المسلحة من سمعة دولية مرموقة لم يأتِ من فراغ، بل هو ثمرة لتضحيات جسام قدمها رجال أوفياء، ضحّوا بأرواحهم من أجل رفعة الوطن. وفي ذكرى توحيد القوات المسلحة، نقف إجلالاً لتضحيات شهدائنا الأبرار، هم، ونعاهدهم أن تبقى رايتنا عالية، ووطننا آمناً، وقواتنا المسلحة قوية، عصيّة، وموحّدة كما أرادها زايد.
إقرأ المزيد