مع المرأة في رونقها الإبداعي
‎جريدة الإتحاد -
[unable to retrieve full-text content]

منذ البدء وهي تحدب، ومنذ الفجر حتى الفجر، تكتب على الرمل صورة الإنسان الجليل في عطائه، وبذله، وسخائه، وها هي في الساعة الأولى، والأخيرة من نهار، تسكب على سؤال الزمن شعاع الوعي، والمسؤولية التزاماً اخلاقياً، أنثوياً جميلاً كجمال الوردة، وروعة الموجة، ومذاق الشهد، وفتنة الصحراء، التي جلّلت الأشواق برهافة، ورشاقة النوق الفارعات، الذاهبات في المعنى إلى مدى لا حدود له سوى عيون امرأة طالعت السماء، فالتقطت حبات النجوم ترتشف من الغيمة عذب القطرات، منتمية إلى وطن له في السبر معنى، ومغزى، وله في الخبر تاريخ امرأة حملت على عاتقها مسؤولية الذهاب بالقيم نحو غايات أبعد من النجمة، وأوسع من المحيط، وأعظم من الجبال، وأنبل من النخلة، وهي الكيان الخلّاق، منجب الفرادة في كل منحى، ومنصة، وناصية. 
المرأة في الإمارات غيّرت وجه التاريخ، عندما كتبت على غلاف دفتر الواجبات المدرسية، قائلة: غداً يشب العشب عند اطراف الجفون، فيبدو أهداباً تظلّل العينين، وتحمي التطلعات من الحسد، وتحمل في طيات ثوبها رائحة عرق التعب، والكد والجهد، وهي تسير على رمل الأسئلة حاملة صفيحة الماء من الحديبة، حتى أقصى قريتها النائمة على تراب الملح، غافية عند شاطئ محاراته هي جلجلة، في الليل، ونعيم، وصولجان في النهار، مبعثه، تصادم أهداب الشمس، ومع رقعة الماء عند شفاه الوجود.
 اليوم، تنظر المرأة إلى السماء، وتقرأ تفاصيل الغيمة، وهي تلحف عيني النجمة، تقرأ كل شيء يسير على الأرض، ويمنحها البريق، وبعض نوايا سالفات، وأسرار الموجة المشاغبة، اليوم تبدو المرأة البوصلة، وتبدو سيدة المرحلة، تبدو في الخضم رحلة في ضمير الوطن، وها نحن نتأمل المشهد البديع، ونقرأ في تفاصيل الوجنة والجبين، نقرأ ابتسامة أسف من جناح فراشة، ونقرأ التصميم، وإرادة أنثوية تخشع لها الغرابيب السود، وتنحني المرحلة، لأنها أبدت سعياً مذهلاً وأعطت، وبلا منة، أنها السقف، والكتف، والأرض لها ركاب تثني السنام، لتمضي المرأة في الطريق نحو غايات، تحققها بمهارة أنثوية لا تشبه إلا نفسها، وهكذا تجعلنا المرأة دوماً في حالة انبهار، وهي تخيط قماشة المستقبل، بعناية، واهتمام، وتسبك قلادة الأيام ببلاغة ونبوغ، والوطن يصفق، الوطن يبتسم، الوطن يملأ جعبة الأيام بحكاية امرأة من بلادي أسست للحياة معنى، وكتبت على صفحات عنوان التبتل في محاريب العمل الوطني، امرأة من بلادي، امتشقت سيف المهارات، وسارت في دروب الحياة تقدم أروع الأمثلة وتتقدم بلا توقف، ولأنها أيقنت أن في التقدم يحدث الكمال، وفي التقدم تنيخ الصعاب، وتنثني عصي المعضلات، ولا يصمد غير العقل، في مواجهة متطلبات العصر، وحاجة الإنسان لتحقيق ذاته. 
ها هي المرأة اليوم تغزل معطف الصوف، بأنامل من ذهب، وتضع للتاريخ قوانين ترتجف لها رموش الإعجاب، عندما تتجاوز المرأة حدود الممكن، وتلامس المستحيل بجدارة، وقوة، وإرادة كأنها الحجر الصوان في صلابته، وإعجازه. المرأة اليوم تجاوزت حدود الجدران، وتركت وراءها ماضياً تولى، ليبرق المستقبل في عينيها، كمصباح منير، ينمق لغتها ويشكل قواعدها، في النبوغ، وبراعة الاقتحام، والتصدي، ومواجهة العقبات بقلب كأنه واحة عشب قشيب، وروح كأنها جناح الطير، ونفس مطمئنة، آمنة، لأنها تسند الظهر إلى إرادة وطن، طينه من أنفاس امرأة أحبت الحياة، فمنحتها الحياة ترياق النجاح في مختلف المجالات، والميادين.



إقرأ المزيد