جريدة الإتحاد - 10/19/2025 12:24:47 AM - GMT (+4 )

مضى زمنٌ كانت فيه شجيرة الفل تعصر زهراتها وترشُّ الأفق. الرمال الناعمة قبل سطوة الأسمنت كانت تناوئ الصهدَ وتُغري الخطى ببهجة السير في الطرقات، وتبعث بسيولها إلى الأحلام. الينابيع كانت تبهرني والبحرُ يشدني للسفر ويستحث القواقعَ لتلد اللؤلؤ في عمق باطنها. أجنحة النوارسِ كانت تحلّق أعلى من الأمنيات وأشدَّ خفقاً من نبض الحنين. جذور النخل تشرب الملوحة وتُحيل البلح المعلّق في العذوق إلى رطب له مذاق العسل. لغتي تلغط في فرحٍ ناضجٍ وأنا أتلمّس الأفق الذيُ يمسّدُ الغفوةَ المستلقية على حرير.
إيهٍ يا شواطئ السكّرِ المحروقِ بصهد الملوحةِ، وسيول الشمس ذوبي في الأطفال وانتشري في أجسادهم. وصباياك مجملاتٍ بالرياحين والورد، كأنهنَّ «اللؤلؤ» ينتظر في صدفِ الأشواق، ويبتهلن للغواص أن يرخي لهنَّ الشباك كي ينتشرن في مكائده، وينقذن السفن في المحيطات. وسادةُ الغيمِ، يا وسادة الغيمِ هلمّي رأسي يتيمٌ. أهيمُ بلا شكّ يضرِّجُ الأفق. وحدي انتقيتُ مفاوز الأوهام وتسرَبتُ إلى عثراتِ تقود خطوتي نحو كشفٍ يستدعي الألق نحو صيري..سوف أعتلي قمم الأحلامِ وأغادر الأنين والضجر إلى أشواقي، فأي ماء خصب لا يصبُّ في تشكيلي، أي هواءٍ لا يسيجُ أزهاري، أي أرض لا تبعث شذى التوالدِ، أي وترٍ لا يمتزجُ بأطفالي، أيُّ كائنٍ لا يمرُّ بصمتي؟!
إقرأ المزيد