جريدة الإتحاد - 12/7/2024 12:00:07 AM - GMT (+4 )
بعد عقد ونصف من الأحداث الساخنة التي عصفت بالمنطقة، أدركت كثير من الدول فيها أن الإعلام قوة فتاكة لا مفر من امتلاكها ولا يمكن تجاهل تأثيرها، لأن هالة الإعلام هزت دولا وقوضت أخرى وأطاحت بأنظمة وجعلت بلداناً مسرحاً للصراعات والتناحرات.
وبسبب ذلك طرأت تحولات كبيرة وتغيرات كثيرة ساهمت في خلق خريطة جديدة. وحدث تغير في بعض المسارات والثوابت والقناعات، وأصبح للإعلام الجديد، بمنصاته المختلفة مثل الفيسبوك والاكس والواتساب.. إلخ، تأثير القوة الناعمة التي تهدف إلى بسط النفوذ والهيمنة والتأثير.
واستطاعت هذا الإعلام الجديد تغيير الرأي العام وتشكيل مزاج مختلف، وقد تم استخدامه للتأثير على الرأي العام وتغيير اتجاهه من خلال قنوات أقل شفافية، بدلا من الضغط عبر قنوات المنظمات السياسية وغيرها. فهذا الإعلام الجديد يمثل قوة مؤثرة وفتاكة، ولذا فهو يلعب دوراً خطيراً في توجيه العامة وربما تسبب في خداعهم أيضاً! لقد صنع الإعلام شخصيات أصبحت نجوماً مؤثرة ولها شأن كبير، كما دفع مدناً من غياهب النسيان إلى أضواء الصدارة. لذا ينبغي أن يُحسب للإعلام ألف حساب منعاً لتكرار أحداث وأزمات سابقة.
ونلاحظ اليوم أن جانباً كبيراً من المحتوى الرقمي لإعلامنا الخليجي لا يختلف عن ما ينتجه الإعلام التقليدي، بل يتغذى على ما تنتجه «الميديا»، وهذا جدير بالدراسة والمراجعة والتفكير من أجل صناعة محتوى إعلامي قوي ومؤثر، أي ذو مصداقية ومرجعيات موثقة ورصينة وأسماء معروفة تتحلى بالعقلانية والنزاهة والحيادية والتجرد، تحت إدارة طواقم متخصصة وموهوبة!
ومثل هذا الإعلام الرقمي سيكون لديه لا محالة شعور بخطورة وأهمية دوره، وكونه يمثل رؤية مستقبلية مدعومة باستراتيجيات وتدريبات وخبرات، لتوفير بيئة عمل جاذبة قادرة على خلق روح التنافس الإيجابي من أجل نيل الأسبقية والمصداقية معاً. وإعلام مثل هذا سيكون مصدراً للأخبار المهمة والتحقيقات المؤثرة والمقابلات الجادة، بعد توفير محفزات وامتيازات وفرص عمل للموهوبين الذين يتدرجون في ميادين العمل الإعلامي ويحرزون كفاءة عالية وقدرة على إنتاج محتوى مرموق يؤثر في المتلقي ويضيف إليه.
كما يجب توظيف ثورة المعلومات وأساليب الاتصال الحكومي، لصناعة إعلام قوي منافس ومؤثر وقادر على مخاطبة المتلقي، في الداخل والخارج، ولديه القدرة على توجيه الجمهور. ولا شك في أن بعض المؤسسات الإعلامية واكبت هذا التحول التكنولوجي في المجال الإعلامي، لكن كثيراً من المحتوى الرقمي لا يختلف عما ينتجه الإعلام التقليدي. ومعلوم أن الفضاء السيبراني يسمح اليوم بالتغلب على كثير من هذه الإشكاليات، كما أن هناك طاقات متطورة في إعلامنا الخليجي قادرة على التأثير وتسخير إمكانياتها المهنية العالية، لكنها ما زالت بحاجة إلى مبادرات إعلامية شجاعة ومستوعِبة لوظيفة الإعلام وخطورة بعض آلياته!
وهكذا فإن الإعلام الخليجي يمتلك الموارد البشرية الشابة والتقنيات الحديثة الدقيقة، لكن بعض الجهات داخل المجال الإعلامي ربما غير مدركة لخطورة الإعلام وتأثيره على عقلية الجمهور. ربما نجحت بعض وسائل الإعلام في التعامل مع الأزمات الإقليمية، لكن ثمة الآن حاجة إلى كوادر متخصصة ومدربة وخبرات ثرية للتعامل مع الأحداث الساخنة والأزمات الخارجية التي تؤثر على ما ينتجه إعلامنا من محتوى محلي لا يرتقي لمستوى الحدث والأزمة. كما نحتاج إلى إعلام يحمل رسالة قادرة على نقل الصورة الحقيقية للحدث، بتحليله وتقديم أبعاده، بما يشبع حاجة المتلقي محلياً وخارجياً.
*كاتب سعودي
إقرأ المزيد