جريدة الإتحاد - 1/10/2025 11:37:38 PM - GMT (+4 )
في إطار التزام دولة الإمارات المستمر بتطوير وتعزيز منظومة مراكز الإصلاح والتأهيل، سعياً نحو تحسين كفاءتها، وتوظيف الحلول الذكية والتقنيات الرقمية المتطورة، ناقشت لجنة السياسات الإصلاحية والتأهيلية بدائرة القضاء في أبوظبي، خلال اجتماعها الدوري، الأسبوع الماضي، نتائج المشاريع التقنية التي شهدتها مراكز الإصلاح والتأهيل لعام 2024، والتي شملت 7 مشاريع نوعية تهدف إلى تحسين سير العمليات التشغيلية، وتقديم حلول مبتكرة لإدارة هذه المراكز، فضلاً عن تحديث أنظمة المراقبة الذكية، وتطوير تدابير العقوبات البديلة.تُعدُّ هذه التطورات تجسيداً عملياً للرؤية الريادية التي تتبناها دولة الإمارات في مجال العدالة الجنائية.
وفي إطار هذه الرؤية، جاء القانون الذي أصدره صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، في مارس 2024، بشأن تنظيم «مراكز الإصلاح والتأهيل» في إمارة أبوظبي، ليشكل نقلة نوعية في تنظيم هذه المؤسسات، حيث يهدف القانون إلى تحديد السياسات العامة لهذه المراكز، مع الحرص على ضمان حقوق النزلاء، وتقديم برامج تأهيلية اجتماعية وثقافية، تسهم في تحسين أوضاعهم.
كما شمل القانون تغيير مسمى «المنشآت العقابية والإصلاحية» إلى «مراكز الإصلاح والتأهيل»، وهو ما يعد خطوة إيجابية نحو إعادة التأهيل وتخفيف الانتكاسات الاجتماعية، التي قد تواجه النزلاء بعد الإفراج. وتماشياً مع الجهود المستمرة لدولة الإمارات لتعزيز الأمن المجتمعي والحد من العودة إلى الجريمة، جاء برنامج تأهيل النزلاء لسوق العمل لعام 2023 - 2024، الذي نفذته كليات التقنية العليا، ليُجسد خطوة مهمة في مسار تطوير القطاع الإصلاحي، حيث امتد هذا البرنامج على مدار عامين، وتميز بتوفير بيئة تعليمية متطورة للنزلاء، أتاحت لهم اكتساب المهارات النظرية والتطبيقية، مع تدريبهم على أحدث الأدوات التكنولوجية وبرامج الحاسوب الأساسية والمهارات اللازمة للاندماج في بيئات العمل الحديثة، وبما يتوافق مع احتياجات سوق العمل. من جهة أخرى، تعكس جهود التطوير المستمر على الصعيدين الاتحادي والمحلي في مراكز الإصلاح والتأهيل، تحولاً نوعياً في دور هذه المراكز.
فلم تعد مقتصرة على تنفيذ العقوبات فحسب، بل أصبحت بيئات حيوية تشجع النزلاء على التعلم والنمو الشخصي، وذلك من خلال اعتماد أفضل الممارسات والتقنيات الحديثة التي تواكب التغيرات والمستجدات العالمية في مجال العدالة الجنائية، بما يضمن تطبيق مبادئ العدل وسيادة القانون. إن الهدف من تطوير منظومة الإصلاح والتأهيل، هو إرساء نهج إصلاحي مبتكر، يرتكز على برامج تدريب مهني تساعد النزلاء في الانخراط بشكل إيجابي في المجتمع بعد انتهاء فترة محكوميتهم. لذلك تحرص دولة الإمارات على مواءمة سياساتها وممارساتها مع التشريعات والمعايير الدولية المعنية بحقوق الإنسان، تماشياً مع القيم والمبادئ الإنسانية، التي قام عليها اتحاد الإمارات منذ تأسيسه. لقد أحرزت دولة الإمارات على مر السنين تقدماً كبيراً في مجال حقوق السجناء، مما أسهم في ترسيخ مكانتها إقليمياً ودولياً، خاصة في مجالات علاج وتأهيل المدمنين على المخدرات.
فقد أنشأت الدولة مراكز علاجية متخصصة، وأسهمت في تعزيز قيم التسامح والمساواة من خلال تأسيس الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان ووزارة التسامح والتعايش، فضلاً عن تطوير سياسات وقوانين تحمي حقوق أفراد المجتمع كافة. كما تجدر الإشارة إلى أن «صندوق الفرج»، منذ تأسيسه في عام 2009، كان مصدراً رئيسياً في تقديم الدعم لآلاف النزلاء من مختلف الجنسيات، فهو يولي مساعدتهم اهتماماً كبيراً دون النظر إلى خلفياتهم العرقية أو الدينية أو الاقتصادية، وهو ما يُعدُّ خطوة متسقة مع مبادئ حقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية، حيث يعكس إيمان الدولة بأهمية توفير فرص متكافئة لإعادة تأهيل الأفراد، وتحقيق العدالة بين جميع فئات المجتمع.
مما لا شك فيه أن هذه المبادرات تمثل جزءاً من استراتيجية شاملة تهدف إلى تحسين ظروف السجون، وتعزيز برامج الإصلاح والتأهيل، بما يسهم في تحقيق التكامل الاجتماعي، ويدعم مسار إعادة الإدماج الفعّال للنزلاء بعد انتهاء فترة محكوميتهم.
*صادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.
إقرأ المزيد