جريدة الإتحاد - 2/24/2025 12:22:11 AM - GMT (+4 )

جماعة «الفيمتو» ما صدقوا يخلص شعبان، من الحين إعلانات «الفيمتو» في كل ناصية، مستقبلاً رمضان مبكراً على طريقته «الباردة» التي تخاطب العطش النهاري، هذا المشروب الذي أصبح تقليدياً عند الناس بالعدوى، رغم أن 90 في المائة من جمهوره لا يعرفون مكوناته، ولا من أي أنواع الفواكه يعصر، فقط معتمدون على شعار، لا رمضان من دون «فيمتو» في مجلس التعاون الخليجي ودول أفريقيا!
كيف وصل الفيمتو إلى العين، وهذه فرصة سانحة لأشكر صانعه وجالبه نيابة عني، وعن كل الإخوة محبي هذا الشراب الذي أصبح أيقونة رمضانية عبر أجيال، أعتقد جازماً أنه جاء مع الإنجليز ضمن «الروشن» الذي يوزع على الجنود والضباط المنخرطين في السلك العسكري، فما زلت أتذكر تلك «الغرشة» صغيراً، فقد كنت لا أشبع منه، رغم أنه كان عزيزاً، وذاك من ذاك اللي عنده «غراش فيمتو أو ميمتو» كما نسميه في العين، بعدها عرفناه من خلال ذاك الآيسكريم الطيب، فقد كان يباع بطريقة بدائية، ويصنع في المنازل، وهو عبارة عن قطعة خشب مثل التي يستعملها الأطباء لمعاينة «أم عظيمين» أو التهاب اللوز أو كما كانت تستعملها النساء مثل قضاب للبراقع، كان سعر «غرشة الفيمتو» يومها روبيتين ونصفاً أو ربع دينار بحريني كعملة متداولة، لكن أهالي العين استصعبوا كلمة دينار على الدوام، فكانوا يقولون: ربع بحريني ونص بحريني، الآن لا أدري كم وصل سعرها، ولا أدري لِمَ ارتبطت بشهر رمضان.
يعود الفضل لانتشار الفيمتو في الخليج للتاجر «عبد الله عوجان وإخوانه الثلاثة»، فقد أسس شركة لبيع التبغ والرز والمواد الغذائية في البحرين عام 1905، ثم طورت الشركة خدماتها وأدخلت ضمن نشاطها التجاري صناعة المشروبات في عام 1928، حينما حصلت على الترخيص الحصري لتوزيع منتجات «فيمتو» في الشرق الأوسط.
كان «الفيمتو Vimto Tonic» في الأساس مشروباً طبياً، ثم أدرج كمشروب غازي عام 1913، واختصر بتسميته «Vimto»، والقصة بدأت في بداية القرن العشرين، حيث كان هناك رجل يُدعى «جون نيكولز» يبيع الأعشاب والتوابل والأدوية في «مانشستر» شمال إنجلترا، وقد طور تلك الوصفة الطبية كمنشط صحي عام 1908 والتي ستتحول لمشروب شعبي بعدها، اليوم هناك نصب تذكاري للـ «فيمتو» في «غرانبي رو» في جامعة مانشستر، ابتدعه «كيري موريسون» تقديراً لهذا المشروب الإنجليزي التقليدي.
«غرشة الفيمتو» عندنا ممنوع أن ترمى في الكدافة أو الطرقات بعد استعمالها، لمعزّتها الكبيرة، وصحبتها القديمة، حيث وجد لها الأهالي عندنا عدة وظائف يمكن الاستفادة منها على الدوام، وتؤدي الغرض وأزيد، في محاولة متقدمة لمسألة إعادة التدوير، يعني ممكن تتحول لغرشة عسل، غرشة سمن الدار، غرشة خَلّ أو على الأقل تكون نظيفة وواقفة في المطبخ لأي غرض احتياطي.
يسعد صباح «الفيمتو» الذي عرفناه صغاراً، وما زال طعمه في الفم، والآن نفرح لفرحة صغارنا وشهيتهم الرمضانية عند الإفطار، «غرشة الفيمتو» في البيت معناها، أهلاً.. رمضان!
إقرأ المزيد