توظيف التقنيات الحديثة في حماية الموائل الطبيعية
‎جريدة الإتحاد -
[unable to retrieve full-text content]

 في انعكاس لحرصها على تعزيز الريادة في مجال العمل البيئي، وحماية التنوع البيولوجي والغطاء النباتي والموائل الطبيعية، تواصل دولة الإمارات العربية المتحدة إطلاق المبادرات، وبذل الجهود العلمية والعملية، وتسخير أحدث التقنيات المتطورة، والذكاء الاصطناعي لتحقيق كفاءة عالية في الأداء والنتائج.

ومن بين أحدث هذه المبادرات مشروع هيئة البيئة - أبوظبي لحماية الغطاء النباتي في المحميات الطبيعية وتنوعه، من خلال نثر ملايين من بذور نباتات البيئة المحلية في هذه المحميات، باستخدام تقنيات مبتكرة في هذا المجال، وعلى يد فريق متخصص من الكفاءات والخبرات الوطنية الشابة، التي تعمل وفق دراسات علمية دقيقة تقوم بتقييم حالة الغطاء النباتي في المحميات، ودراسة طبيعة التربة ومواءمتها للأنواع النباتية المستهدفة.

وقد بلغ عدد البذور التي تم نثرها من بداية المشروع نحو 6.5 مليون بذرة، باستخدام تقنيات الطائرات المسيرة المصممة خصيصاً لهذا الغرض، ويعكس هذا المشروع حرص الهيئة على توظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي والابتكار البيئي، بما يدعم رؤية وتوجيهات القيادة الرشيدة في حماية الموائل الطبيعية، وتحقيق أهداف التنمية المستدامة. ويمتاز استخدام الطائرات دون طيار بإمكانية تغطية مساحات واسعة في وقت قصير ودون التسبب بأي تأثيرات سلبية على البيئة البرية، كما يُقلل من الاعتماد على المركبات أو الوسائل اليدوية، خاصة في التضاريس الصعبة.

وقال أحمد الهاشمي، المدير التنفيذي لقطاع التنوع البيولوجي البري والبحري في هيئة البيئة – أبوظبي، إن الهيئة تمكنت بنجاح وفي وقت قياسي من تنفيذ أحد أكبر برامج نثر البذور في الإمارة، تماشياً مع استراتيجية أبوظبي لمواجهة آثار التغير المناخي، حيث تم نثر البذور على مساحة إجمالية بلغت 320 هكتاراً من الموائل الطبيعية التي يتم استهدافها لأول مرة. وقد تم اختيار أنواع نباتية محلية تتناسب مع طبيعة الموائل المختلفة من أبرزها نباتات السمر، والشوع، والحميض، والعلقا، والآري، والثمام في محمية متنزه جبل حفيت الوطني (البيئة الجبلية والأودية)، ونباتات الأرطى، والرمث، والحاذ، والعلقا، والثمام، والسبط في محمية قصر السراب الطبيعية (موائل الكثبان الرملية).

وتواصل هيئة البيئة -أبوظبي مراقبة ومتابعة المناطق التي شملها نثر البذور، باستخدام مستشعرات ذكية وتقنيات الذكاء الاصطناعي، لتقييم مدى استجابة الغطاء النباتي ونمو الشجيرات والنباتات المستهدفة. وقد دأبت الهيئة منذ انطلاقها عام 1996 على إطلاق المبادرات والبرامج الهادفة لحماية البيئة وتعزيز الحياة الفطرية والتنوع البيولوجي، حتى أصبحت أحد أهم المؤسسات البيئية المتخصصة، التي لا يقتصر تركيزها على إمارة أبوظبي فحسب، بل يمتد نشاطها البيئي إلى المستويين الإقليمي والدولي، وكانت الهيئة قد نفذت، مؤخراً، أحد المشروعات المماثلة المتطورة، التي توظف التقنيات الحديثة في زراعة نباتات البيئة المحلية وحماية التنوع البيولوجي، وهو مشروع زراعة أشجار القرم. ويشار في هذا السياق إلى أن هيئة البيئة - أبوظبي قد نجحت مؤخراً، في زراعة مليون بذرة من أشجار القرم، باستخدام طائرات مسيرة، كجزء من المرحلة الأولى لمشروع «استعادة زراعة أشجار القرم في أبوظبي»، الذي يعتبر الأول من نوعه في المنطقة، وذلك عبر توظيف التقنيات الحديثة والطائرات المسيرة بأسلوب مبتكر وجديد في الزراعة، وجدير بالذكر أن مشروع زراعة أشجار القرم من المشاريع الرائدة ذات الأبعاد البيئية الاستراتيجية، التي تسهم في التقليل من مستويات ثاني أكسيد الكربون، وقد عملت الهيئة على تطوير منهجيتها في إنبات بذور القرم واختيار مواقع غرسها، وتطوير آلية زراعتها ومراقبة نمو الشتلات، ورسم خرائط ثلاثية الأبعاد لهذه الموائل الطبيعية.

إن رؤية دولة الإمارات ارتكزت منذ نشأتها على نهج صديق للبيئة، استهدف تبني أفضل السبل التي تحافظ على الغطاء النباتي والبيئات البرية البحرية، انطلاقاً من رؤى ومبادئ علمية رصينة، ومما لا شك فيه أن مشاريع الحفاظ على الغطاء النباتي في المحميات الطبيعية وتوظيف التقنيات الحديثة في هذا المجال، تعكس حرص إمارة أبوظبي ودولة الإمارات على دعم النهج العلمي والابتكار، في سبيل الحفاظ على الموائل الطبيعية، لما تمثله من أهمية استراتيجية وحيوية.

*صادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية. 



إقرأ المزيد