جريدة الإتحاد - 8/15/2025 11:49:41 PM - GMT (+4 )

في إطار رؤيتها «نحن الإمارات 2031» تضع دولة الإمارات العربية المتحدة الصحة على رأس أولوياتها، عبر تعزيز جودة الحياة والارتقاء بالخدمات الصحية الوقائية والعلاجية، ويأتي ذلك انطلاقاً من الأهمية الاستراتيجية التي توليها الدولة للقطاع الصحي، حيث تواصل تعزيز منظومتها الصحية بمستوى يواكب أفضل المعايير العالمية، في إطار رؤيتها الاستشرافية لمستقبلٍ أكثر أماناً واستدامةً لمواطنيها والمقيمين على أرضها.
وقد أثبتت الإمارات كفاءتها في القطاع الصحي من خلال تصدّرها مؤشرات الصحة العالمية، وتسجيلها إنجازات بارزة على مستوى البنية التحتية الطبية، والكفاءات البشرية، والخدمات الذكية، يُعززها إعلان أبوظبي تحقيق إنجازٍ نوعي تمثّل في إجراء أكثر من 1000 عملية زراعة أعضاء ناجحة منذ انطلاق البرنامج الوطني للتبرع وزراعة الأعضاء والأنسجة البشرية «حياة» في عام 2017، ما يشير إلى تميُّز منظومة الرعاية الصحية في أبوظبي، وريادتها على المستوى العالمي.
ويشكِّل برنامج «حياة»، الذي أطلقته وزارة الصحة ووقاية المجتمع، منظومة وطنية متكاملة تهدف إلى تعزيز جهود التبرع وزراعة الأعضاء والأنسجة البشرية وفق أعلى المعايير العالمية، ويهدف البرنامج إلى تنظيم عمليات التبرع والزراعة، وتوفير رعاية متكاملة للمرضى، والارتقاء بصحة وسلامة وجودة حياة أفراد المجتمع.
تمكّنت إمارة أبوظبي من إنجاز العديد من العمليات المعقدة في زراعة الأعضاء، أبرزها زراعة الأعضاء المتعددة، إلى جانب تبنيها تقنيات الجراحة الروبوتية التي ساهمت بشكل كبير في رفع دقة الإجراءات وتحسين النتائج العلاجية وتسريع وتيرة التعافي، ومن بين هذه العمليات 290 عملية خلال عام 2024، شملت تنفيذ 7 زراعات قلب، و142 زراعة كلية، و117 زراعة كبد، و22 زراعة رئة، وعمليتي زراعة بنكرياس.
تعمل الدولة على بناء منظومة متكاملة للرعاية الصحية، تشمل مستشفيات ذكية، ومراكز بحثية، وشبكات متطورة للطوارئ والإسعاف، ومدناً طبية أصبحت مراكز إقليمية وعالمية تجذب المرضى من مختلف دول العالم، بفضل تجهيزاتها المتطورة واعتمادها أعلى معايير السلامة والجودة.
وتأتي هذه الإنجازات نتيجة جهود أربع منشآت صحية رئيسية في إمارة أبوظبي، هي مستشفى «كليفلاند كلينك أبوظبي» وهو أول مركز لزراعة الأعضاء المتعددة منذ تأسيسه، و«مدينة الشيخ خليفة الطبية» و«مدينة الشيخ شخبوط الطبية»، التابعتان لمجموعة «بيورهيلث»، وهي أكبر مجموعة للرعاية الصحية في الشرق الأوسط، و«مدينة برجيل الطبية».
كما ركّزت الإمارات على استقطاب الأطباء والخبراء العالميين، وتوقيع شراكات مع مؤسسات بحثية ومراكز طبية مرموقة في الولايات المتحدة وأوروبا وآسيا، وأطلقت برامج لتأهيل الكوادر الوطنية في مجالات الطب المتقدمة، بهدف بناء جيل من الخبراء الإماراتيين القادرين على المنافسة عالمياً.
وتسعى الدولة لأن تكون الأكثر استعداداً عالمياً للتحديات الصحية المستقبلية عبر الاستثمار في أبحاث الأمراض النادرة، وتطوير أدوية مبتكرة، واعتماد معايير الصحة المستدامة، بما يتماشى مع أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة. وتؤكد هذه الجهود أن الريادة الإماراتية في القطاع الصحي ليست مجرد إنجاز حالي، بل مسار استراتيجي يهدف لقيادة التحول العالمي نحو رعاية صحية أكثر ذكاءً وإنسانية.
ويعكس التطوّر الملحوظ في قطاع الرعاية الصحية في السنوات الأخيرة، تبني الإمارات التكنولوجيا الرقمية، حيث كانت من أوائل الدول التي أدخلت تقنيات الذكاء الاصطناعي، والطباعة ثلاثية الأبعاد للأعضاء، والجراحة الروبوتية في المستشفيات، كما تبنّت الدولة أنظمة السجلات الطبية الإلكترونية الموحدة، مما سهّل تبادل المعلومات بين المرافق الصحية، وساهم في تحسين سرعة التشخيص ودقة العلاج، وتقديم خدمات طبية أكثر دقة وكفاءة.
إن ما تشهده دولة الإمارات اليوم من تطور صحي متسارع، ما هو إلا ثمرة لتوجيهات القيادة الحكيمة، والتزامها الثابت ببناء مستقبل صحي يليق بإنسان هذا الوطن، ويجعل من الإمارات نموذجاً عالمياً في الرعاية الصحية المتقدمة. ولا تنافس الإمارات فقط في جودة الرعاية الصحية، بل تعيد صياغة مفهوم الريادة الصحية عالمياً عبر الجمع بين الابتكار، والكفاءة، والإنسانية، ومع استمرار هذا المسار، تبقى الدولة نموذجاً يحتذى به في التحول نحو منظومات صحية ذكية وشاملة.
* صادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.
إقرأ المزيد