تطوير مُستدام لكفاءات الكوادر الطبية
‎جريدة الإتحاد -
[unable to retrieve full-text content]

تواصل دولة الإمارات ترسيخ موقعها الريادي في مجال الرعاية الصحية من خلال إطلاق مبادرات متكاملة تسعى إلى الارتقاء بجودة الخدمات الطبية وتعزيز كفاءة الكوادر العاملة فيها. ويبرز ضمن هذه الجهود التركيز على قطاع التمريض بوصفه محوراً أساسياً في منظومة العلاج والرعاية، حيث يجري تنفيذ برامج متخصصة وفق أعلى المعايير العالمية لتطوير القدرات الطبية والإسعافية، وتزويد الممرضين والممرضات بمهارات متقدمة في مجالات العناية المركزة والاستجابة الطارئة.

وقد دُشن برنامج الإمارات للجاهزية والاستجابة الطبية «جاهزية»، أول برنامج وطني تدريبي معتمد لتطوير كفاءات الكوادر الطبية التمريضية «كفاءات»، بهدف بناء القدرات والجاهزية والاستجابة الطبية وفق منهج موحد ومعتمد دولياً، وباعتماد من وزارة الصحة ووقاية المجتمع وهيئة الصحة بدبي ودائرة الصحة أبوظبي، وذلك بمبادرة مشتركة مع مجلس الإمارات لخبراء التمريض والأكاديمية الوطنية للتمريض والوطنية للتدريب «تدريب»، تزامناً مع ملتقى أبوظبي للتمريض.
يهدف البرنامج لمساعدة الكوادر التمريضية على الانتقال بثقة إلى أعلى مستوى مهني، عبر اكتساب كفاءات عالية لتقديم رعاية أفضل للمرضى، وتحسين مهارات التفكير النقدي واتخاذ القرارات السريرية، وتعزيز التطور المهني المستمر، والمساهمة في الاحتفاظ بالكادر التمريضي ورفع مستوى الكفاءة.
وقد صُمِّم برنامج «كفاءات» من قبل خبراء محليين عالميين وفق أفضل المعايير العالمية، لصقل مهارات نحو 20 ألفاً من الممرضين، وإكسابهم المعرفة والخبرة العملية التي يحتاجون إليها لتقديم رعاية تمريضية عالية الجودة، بالشراكة مع مؤسسات الدولة الصحية والأكاديمية الحكومية والخاصة في إطار خطة استراتيجية لمدة خمس سنوات، وتأسيس مراكز تدريبي للتمريض في مختلف إمارات الدولة، بالتنسيق مع المؤسسات الصحية والأكاديمية وغير الربحية.
وأكد الدكتور عادل الشامري العجمي، الرئيس التنفيذي لمبادرة زايد العطاء، رئيس أطباء الإمارات، الرئيس التنفيذي لبرنامج الإمارات للجاهزية والاستجابة الطبية «جاهزية»، أن القيادة الرشيدة تحرص على الاستثمار في الموارد البشرية، وبالأخص التخصصية، وتعمل على إيجاد بيئة خصبة لصناعة القادة في القطاع الصحي، من خلال تبنّي مبادرات مبتكرة تسهم في استقطاب أفضل الخبرات والمراكز التدريبية واستحداث الشراكات بين مؤسسات الدولة الحكومية والخاصة وغير الربحية.
وتُقدم المؤسسة الأميركية للتمريض، ضمن البرنامج الوطني لتطوير الكفاءات الطبية التمريضية «كفاءات»، دورات تدريبية معتمدة وورش عمل عملية بتقنية المحاكاة والواقع الافتراضي، ليتم منح الخريجين شهادات دولية تُعتبر إلزامية لمزاولة المهنة حسب متطلبات وزارة الصحة ووقاية المجتمع ودائرة الصحة في أبوظبي وهيئة الصحة في دبي.
وكان برنامج «جاهزية» قد نجح في تطوير كفاءات ومهارات وجاهزية آلاف العاملين في خط الدفاع الأول، حيث سبق له أن أطلق أربعة برامج تستهدف تطوير مهارات الكوادر الطبية، وأسّس 4 أكاديميات تخصصية في طب الطوارئ، وطب الكوارث، وطب العناية المركزة، وطب وجراحة القلب، كما أطلق مؤخراً أكاديمية وطنية للتمريض، في بادرة هي الأولى من نوعها لتوحيد مناهج التدريب وتصميم برامج تدريبية معتمدة.
وتم تصميم جميع المبادرات التي قدمتها «جاهزية» على غرار برامج الجامعات الأميركية الرائدة في هذا المجال، فيما يتيح تقديم شهادة معتمدة للمشاركين الناجحين من مجموعة من المؤسسات الدولية البارزة المتخصصة في إدارة الكوارث، بما في ذلك المؤسسة الوطنية لدعم الحياة في الكوارث (الولايات المتحدة الأميركية)، والكلية الأميركية لطب العائلة، والمجموعة البريطانية لدعم الحياة، والمؤسسة الأميركية العالمية لدعم الحياة خلال الإصابات (ITLS)، كما تتضمن الدورات التدريبية التي تقدمها «جاهزية» للعاملين في القطاع الصحي برامج شاملة تغطي جميع تخصصات الاستجابة للطوارئ وجميع المخاطر المحتملة.
يمثّل التدشين الرسمي للبرنامج الوطني لتطوير الكفاءات الطبية التمريضية «كفاءات» خطوة استراتيجية تعكس التزام دولة الإمارات برفع مستوى الكوادر التمريضية، ليس فقط بوصفه مشروعاً تطويرياً، بل باعتباره استثماراً طويل الأمد في تعزيز جودة الرعاية الصحية واستدامتها. وبذلك يضاف البرنامج إلى منظومة المبادرات الوطنية الرائدة التي ترسّخ مكانة القطاع الصحي كركيزة أساسية في مسيرة التنمية، وتؤكد أن بناء الإنسان والارتقاء بخدماته يظل في صميم أولويات الدولة ورؤيتها المستقبلية.

*صادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث  الاستراتيجية. 



إقرأ المزيد