نجم سُهَيْل
‎جريدة الإتحاد -
[unable to retrieve full-text content]

«إذا ظهر  سُهَيْل رقَّ الليل»، مَثَل قديم في الإمارات، ولعله البشارة بأن القيظ قد حان رحيله بعد مدة قصيرة. ونجم  سُهَيْل بداية نهاية فترة من الحرارة المرتفعة في منطقة الخليج العربي، والانفراجة بالتدريج إلى مرحلة أخرى. أما في هذا العصر الذي تطور فيه كل شيء، وأصبح زاهياً وجميلاً، فإن فصل القيظ والصيف رائع بسبب ما توفره الحياة من وسائل حديثة، بفضل التقدم والتطور الحضاري الذي يعمّ منطقة الخليج العربي. الآن وقد بدأت مواسم الرياح وهبوب (الكوس) التي سوف تأتي بعد أسابيع قليلة، وسوف تغير كل درجات الحرارة عند هبوبها، ثم تتبعها الرياح الشرقية والرياح الجنوبية والبحرية، ويختم موسم الرياح هبوب الغربي العليل، الجميل.. في حساب (الدرور) والمواسم.
لقد أبدع بعض المختصين من الآباء والأجداد في معرفة طبيعة الحياة في هذا الساحل والصحراء، بأن كونوا خبرة كبيرة وتجارب عظيمة مع بيئة الإمارات منذ أزمنة بعيدة، وأكمل معرفتهم القديمة أيضاً رجال من أهل البحر والصحراء، إنهم مدرسة كبيرة في فهم المتغيرات البيئية وحياة البر والبحر ومواضع النجوم وتأثيراتها على الحياة اليومية. بل برع بعضهم بوضع الحسابات المحلية الخاصة وأسموها تغيرات (الدرور)، أي تغيرات الفصول وحساب كل مرحلة من الحياة اليومية، حسب تبدل ظهور بعض النجوم أو غيابها. ليس نجم  سُهَيْل وحده الدليل على التغير في طبيعة الحياة، ولكن هناك نجوم أخرى كثيرة لها أهمية كبيرة، مثل نجوم الثُّرياء أو نجم (الياه)، حيث تظهر في أزمنة ومواقيت خاصة، عرفها القدامى وتوارثوا تلك المعرفة، عندما كانت الحياة في الصحراء والبحر تعتمد على الشمس والقمر ونجوم الليل التي ترشد ذلك المرتحل دائماً في حياة لا دليل فيها ولا ينيرها غير هذه الوسائل الطبيعية، نهار تقوده الشمس من فجر مشرقها وحتى غروبها، وليل ينيره القمر والنجوم.
لماذا اشتهر نجم  سُهَيْل في هذه الصحراء، بهذه القوة الدالة على تحديد بدء فصل وختام آخر؟ لعل هذا النجم هو مركز المعرفة عند القدامى في منطقة الخليج العربي، وهو كذلك بالتأكيد، إنه فاصلة مهمة في الحسابات القديمة لمعرفة (الدرور)، أي الفصول، حيث تعتمد عليه حسبة الأيام والمواسم الزراعية وحركة الرياح والنجوم وتغيرات الحياة في الصحراء والبحر والوديان والسهول والجبال. عبارة صغيرة وجميلة طبعها القدامى في وصف نجم  سُهَيْل: «إذا ظهر  سُهَيْل رقَّ الليل».



إقرأ المزيد