الإرهاب.. التهديد الحقيقي لأميركا
‎جريدة الإتحاد -
[unable to retrieve full-text content]

 تعمل إدارة ترامب على إعادة تخصيص موارد فيدرالية لمكافحة عصابات المخدرات، وجماعة «أنتيفا» اليسارية. وبغض النظر عن المخاوف بشأن شرعية هذه الإجراءات، فإنها تُثير التساؤل حول أولويات الإدارة. قد تكون عصابات المخدرات شريرة، لكنها في نهاية المطاف مدفوعة بالربح، لا بعقيدة قاتلة مثل تلك التي يتبناها تنظيم «داعش».

أما حركة «أنتيفا»، فهي جماعة غير متماسكة من النشطاء، ولا تخطط لهجمات ذات خسائر جماعية كما فعل تنظيم «القاعدة». ولهذا تُخاطر الإدارة بفقدان التركيز على المعركة ضد الإرهابيين الحقيقيين. فمؤخراً، قَتل فريقٌ يضم أباً وابنَه، مُتأثرين بتنظيم «داعش»، 15 شخصاً على شاطئ بوندي في سيدني خلال احتفالات محلية، وذلك بعد وقت قصير من قيام مقاتل من «داعش» في سوريا بقتل جنديين أميركيين ومدني أميركي.

ورغم أن «داعش» فقَدَ معاقلَه في سوريا والعراق، فإنه يواصل نشرَ فكره المتطرف، لا سيما عبر «الإنترنت». وله فروع تمتد من أفغانستان إلى أفريقيا وصولاً إلى الفلبين. كما يمتلك تنظيم «القاعدة» فروعاً في أنحاء العالم، بينها فرع نشط في دولة مالي. تتطلب مكافحة الجماعات الإرهابية استراتيجيةً شاملة وطويلة الأمد. ومع ذلك، فالعديد من الإجراءات التي تتخذها الإدارة تُقوّض الجهودَ المبذولة لمكافحة هذه الجماعات الإرهابية.

أولاً، تم تحويل موارد وزارة الأمن الداخلي ومكتب التحقيقات الفيدرالي نحو إنفاذ قوانين الهجرة، بعيداً عن مكافحة الإرهاب وغيرها من القضايا. ويعمل ما يقارب ربع عملاء مكتب التحقيقات الفيدرالي على قضايا الهجرة، رغم أن معظم المرحّلين ليس لديهم سجلات جنائية. ثانياً، أغلقت وزارة الخارجية مكاتب مخصصة لمكافحة التضليل الإعلامي على «الإنترنت»، وتضغط إدارة ترامب على منصات التواصل الاجتماعي لتقليص جهود الإشراف على المحتوى. بل وهددت الإدارة برفض منح تأشيرات لعمال أجانب يعملون في هذا المجال، كما أنها تمارس ضغوطاً على الاتحاد الأوروبي لتخفيف معاييره للأمن الرقمي. ثالثاً، إن محاولات الإدارة إغلاقَ إذاعة صوت أميركا، وغيرها من المحطات الإذاعية، تجعل من الصعب على أميركا مواجهة الدعاية الإرهابية.

رابعاً، أدى خفض ترامب الحاد للمساعدات الخارجية الأميركية إلى عرقلة الجهود المبذولة لمساعدة الحلفاء في الجنوب العالمي لوقف انتشار التطرف الديني.

خامساً، تَخلِّي الإدارة عن حلفاء الولايات المتحدة وعن التعاون الدولي اللازم لمكافحة الشبكات الإرهابية يخلق مخاطر جديدة.

سادساً وأخيراً، عرّضت إدارة ترامب جهودَ مكافحة الإرهاب للخطر بتعيينها عدداً كبيراً من المسؤولين غير المؤهلين. إن انشغال الإدارة بتهديدات مُختلقة يجعل أميركا أكثر عرضة للخطر الحقيقي للإرهاب المتشدد.

ماكس بوت*

*زميل بارز في مجلس العلاقات الخارجية

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست لاينسج آند سينديكيشتن»

 



إقرأ المزيد