العالم.. مستقبل واحد
‎جريدة الإتحاد -
[unable to retrieve full-text content]

ربما يصحو العالم على حلم، يرسم له صورة إنسان أطرافه ممتدة عبر القارات الخمس، وذلك تأكيداً على مبدأ أن الأرض واحدة، والأسرة واحدة، والمستقبل واحد.
نقول ربما، لأن ما يحدث في العالم من تشققات مرعبة، ومن تفتّت عظام، يحتاج إلى حلم يزيح عن الكاهل الغبن، والشجن، وكل ما تشيعه الحروب من حزن.
فلو علمت الدول المتطاحنة، والطوائف المتشاحنة، وأرباب السياسة العالمية الذين ما إن تشرق شمس حتى نسمع عن خلافات بينهم تقود إلى نحر الحقيقة، وجز رقبة القانون الطبيعي الذي يقوم على أن العالم أسرة واحدة، أن الصراعات ما هي إلا نتيجة مباشرة لعدم العدم، وعدم القدرة على كبح جماح الأنا، وتقليم أظافرها، ووضعها في المكان الصحيح، بعيداً عن مبدأ (كل هذا لي، وليس لكم شيء). 
اليوم نشهد هذه المعضلات الكبرى، ونعيش مأزق عدم التوافق بين الدول الكبرى والتي تعمل جاهدة لأجل مصالح ضيقة، وعلى حساب لم الشمل، ودرء الخطر عن أمنا الأرض والتي تعاني ما تعانيه من أزمات متلاحقة إثر الحروب التي تفتح نيرانها في وجوه الدول الصغيرة، والفقيرة، والتي لا تملك إلا أطلاق صرخة (نريد أن نعيش بسلام.. نريد أن نطعم أبناءنا، نريد أن نعلمهم، نريد أن نكسوهم، ونسكنهم.
هذه صرخات أشبه بالحشرجات، تدل على أن شعوب العالم سئمت الحروب، ويئست من حروب عصابات السلاح، والذين يزعجهم إحلال السلام في العالم، لأنهم يفقدون بذلك أهم مصدر لملايين الدولارات، التي يحلبونها من ضروع خزائن الفقراء.
نعم نحتاج إلى الوعي بأننا أسرة واحدة، نعيش في بيت واحد، ويجمعنا مصير واحد، ومستقبل واحد، وما هذه التشققات، في القماشة العالمية، وما هذه الانهيارات الأرضية، في السياسة والاقتصاد، إلا نتيجة للأنانية التي تعشش في أذهان البلهاء، وضيق الأفق الذي ابتلى به معظم قادة العالم، والذين يمسكون بزمام الأمور، والذين بيدهم (الخيط، والمخيط).
العالم اليوم ينتظر بلهفة وشغف ما ستسفر عنه قمة العشرية، والتي تجمع كبار القوم في هذا العالم الصغير، وشعوب العالم وقد ملت الانتظار، دون الإجابة على سؤالها الوحيد، وهو (لماذا لا نتحد ضد الكراهية)؟.
هذه الكراهية والتي نبعت منذ أن فكر الإنسان بنفسه دون الآخرين، ومنذ أن طفحت دمامل (أنا ومن بعدي الطوفان)، هذه الابتلاءات الفكرية هي نتاج حضارة القوة على حساب الأخلاق، وهي حضارة نبتت أعشابها الشوكية منذ أن بزغت سياسة الحريات المغلوطة، والديمقراطيات الماكرة، والتسامح الكاذب.
العالم اليوم ينتظر مركبات إسعاف تنقذ ما يمكن إنقاذه، قبل أن تغرق السفينة، وتصبح الأرض تايتانيك جديدة، تطمرها مياه الأحقاد، والكراهية، والأنانية المشؤومة.
نتمنى من عقلاء العالم أن يدلوا بدلائهم، وأن يقولوا كلمة الفصل، من أجل خلاص العالم، ومصير الأجيال القادمة، من حياة لا تغشيها غاشية الكارهين للإجماع البشري.



إقرأ المزيد