مكانة متميزة لدولة الإمارات في التنمية البشرية
‎جريدة الإتحاد -
[unable to retrieve full-text content]

تواصل دولة الإمارات العربية المتحدة ترسيخ مكانتها بوصفها نموذجاً ريادياً في مجال التنمية البشرية على المستويين الإقليمي والعالمي، في عالم يشهد الكثير من التباطؤ المتزايد في مسارات التنمية البشرية، حيث حققت المركز الأول عربياً، والـ 15عالمياً في أحدث تقرير للتنمية البشرية الصادر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP)، متقدمة في الترتيب العالمي بثمانية مراكز، مقارنةً بتصنيفها في التقرير السابق.

وعلى ذلك، تم تصنيف الإمارات ضمن فئة «التنمية البشرية المرتفعة جداً»، متفوقة على دول مثل كندا ونيوزيلندا والولايات المتحدة والنمسا واليابان وفرنسا وإسبانيا وإيطاليا.

وهذا الإنجاز اللافت لم يأتِ من فراغ، بل هو نتيجة مباشرة لرؤية استراتيجية متكاملة تبنتها الإمارات منذ عقود، تركز على تنمية الإنسان أولاً، باعتباره المحرك الرئيس لكل نهضة وتنمية. وهنا تجدر الإشارة إلى قول صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله: «أنعم الله تعالى علينا بموارد غنية ومتعددة خاصة مواردنا البشرية، حيث تمتلك دولة الإمارات ثروة متميزة من القوى العاملة الفتية والشابة».

ويعتمد مؤشر التنمية البشرية، الذي يعبّر عن مستوى جودة حياة المجتمعات في 193 دولة حول العالم، على ثلاثة محاور رئيسة وهي: الصحة والمعرفة ومستوى المعيشة، وتغطي هذه المحاور 4 مؤشرات وهي: متوسط العمر المتوقع عند الولادة، والعدد المتوقع لسنوات الدراسة، ومتوسط سنوات الدراسة، ونصيب الفرد من الدخل القومي الإجمالي.

وقد حققت الإمارات أداءً مميزاً في جميع هذه الجوانب، وأظهرت قدرة على تقليص الفجوة في هذه المؤشرات. وتتجلى قوة دولة الإمارات في التوازن الذي تحققه بين مختلف أبعاد التنمية. وقد استطاعت الإمارات تحقيق نتائج باهرة في مجالات الصحة، ويشهد متوسط العمر المتوقع ارتفاعاً ملحوظاً بفضل نظام متقدم يعتمد على التكنولوجيا والوقاية وتوفير الخدمات ذات الجودة العالية. كما يشهد قطاع التعليم تطورات جوهرية، سواء على مستوى المناهج أو البنية التحتية أو الابتكار، أما على المستوى الاقتصادي، فقد أسهم تنويع مصادر الدخل الوطني وسياسات التمكين الاقتصادي في رفع مستوى الدخل القومي الإجمالي للفرد، وهو ما أدى إلى تحسين جودة الحياة بشكل عام.

ويتجاوز تميز الإمارات النطاق التقليدي للتنمية، ليشمل مجالات المستقبل مثل الذكاء الاصطناعي والتقنيات المتقدمة. وفيما يتعلق بانتشار مهارات الذكاء الاصطناعي احتلت الإمارات، وفقاً لتقرير التنمية البشرية لعام 2025، المرتبة الأعلى في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا والعالم العربي، وهنا لا بد من التأكيد على أن الإمارات تركّز بشكل مكثف على صناعة الذكاء الاصطناعي، الذي سيصبح منهجاً تعليميّاً يدرسه الطلاب من سن الرابعة فما فوق في العام الدراسي المقبل 2025/2026.

ويمتاز النموذج التنموي لدولة الإمارات بخصائص عدة تجعله متفوقاً في السياقين العربي والدولي، فهناك رؤية استراتيجية بعيدة المدى تتجسَّد في خطط مثل «رؤية الإمارات 2071»، التي تسعى لبناء اقتصاد معرفي ومستدام، وإرادة سياسية فاعلة تدعم تنفيذ هذه الرؤية على أرض الواقع، مع مرونة مؤسسية عالية تسمح بتكييف السياسات تبعاً للمتغيرات، وتولي الإمارات رأس المال البشري اهتماماً خاصاً، إدراكاً منها أن الاستثمار في الإنسان هو الطريق الأقصر والأكثر استدامة نحو التنمية.

وفي الواقع، فإن تفوق الإمارات في مؤشرات التنمية لا يعكس فقط نجاحاً داخلياً، بل يمنحها أيضاً دوراً إقليمياً ودولياً متنامياً في صياغة سياسات التنمية العالمية، خصوصاً في ظل ما تبديه من التزام متزايد تجاه قضايا مثل المناخ، والمساواة، والاقتصاد الرقمي. إن تصدّر الإمارات مؤشرات التنمية البشرية في العالم العربي، وتفوقها على العديد من الدول المتقدمة، هو دليل حي على نجاح نموذج تنموي يرتكز على الإنسان، ويُوظف التكنولوجيا، ويستشرف المستقبل.

وبينما تتجه أنظار العالم إلى التحديات التي فرضتها الأزمات المتلاحقة، تقدم الإمارات مثالاً ملهماً على أن الإرادة السياسية، والرؤية الواضحة، والالتزام بالتنمية الشاملة، قادرة على تحويل الطموحات إلى واقع ملموس.

*صادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.



إقرأ المزيد