جريدة الإتحاد - 7/6/2025 12:20:34 AM - GMT (+4 )

ودّعت الإمارات بالأمس فنانة قديرة وقامة فنية رفيعة، لها إسهاماتها منذ المراحل المبكرة للحركة الفنية في الدولة، وتُعدّ من مؤسسيها.
لم تكن الراحلة رزيقة الطارش فنانة عادية أو ضيفة عابرة على الساحة، بل كانت إنسانة موهوبة تميزت بالأداء العفوي، وبالوصول إلى قلوب المشاهدين والمتابعين.
وقد كانت من أوائل العناصر النسائية التي اقتحمت عالم التمثيل، وشكلت بدايات العمل الفني في الدولة، ورسّخت مكانتها صوتاً إماراتياً بامتياز، وهي تؤدي أدوارها بكل اقتدار باللهجة المحلية، سواء في التلفزيون أو من وراء ميكروفون الإذاعة. فقد بدأت مسيرتها في إذاعة أبوظبي عام 1969، ثم انتقلت إلى التلفزيون في السبعينيات من القرن الماضي، وشاركت في العديد من المسلسلات التي لاقت نجاحاً كبيراً، ومنها: «حظ يا نصيب»، و«حاير طاير»، و«طماشة»، و«سعيد الحظ»، و«القيّاضة». كما أن دورها في شخصية «ميثا» في المسلسل الشهير «أشحفان» لا يزال محفوراً في ذاكرة الجمهور حتى اليوم.
وكان للفنانة رزيقة الطارش إسهاماتها المبكرة في «أبو الفنون»، حيث كان أول دور مسرحي لها مع فرقة تابعة لوزارة الداخلية عام 1970، ليلمع نجمها من خلال العديد من الأدوار المسرحية. وقد اعتلت خشبة المسرح الرسمي في عام 1975، وقدّمت 10 مسرحيات طوال مشوارها الفني، قبل أن تنتقل إلى التلفزيون.
وعلى امتداد مسيرتها الفنية الحافلة، قدّمت أكثر من 50 عملاً متنوعاً بين الدراما، والسباعيات، ومسلسلات الـ15 حلقة، كما قدّمت عملين سينمائيين، أحدهما من تأليفها بعنوان «لك يوم يا ظالم»، من إخراج مراد كامل، والآخر بعنوان «الأم» من إخراج أحمد منقوش، وتم إنتاج العملين في الثمانينيات. مسيرة إبداعية حافلة، نالت خلالها العديد من الجوائز التكريمية من داخل الدولة وخارجها.
ورغم البدايات الصعبة والإمكانات البسيطة، استطاعت أن تترك أعمالاً راسخة في قلوب الجمهور، ولا يزال الكثير ممن عاصروا تلك الحقبة يتذكرون تلك الأعمال الخالدة بكل فخر وإعجاب، وفي مقدمتها مسلسل «أشحفان».
الحزن الذي عمّ الساحة الفنية برحيلها، وفقد أحد أبرز رموزها، إنما هو تعبير عن الاعتزاز بإسهامات جيل من المبدعين والفنانين أثروا الحركة الفنية بأعمال خالدة، بينما تتلاشى الأعمال الباهتة والركيكة التي يحاول أن ينفذ منها من لا يملكون أي موهبة أو إبداع.
ونحن نودّعها اليوم، نتمنى على وزارة الثقافة، ودائرة السياحة والثقافة، توثيق مسيرتها وعطائها في إطار توثيق شامل للحركة الفنية والإبداعية في إمارات الخير والمحبة.
رحم الله رزيقة الطارش، وأسكنها فسيح جناته، وألهم ذويها ومحبيها الصبر.
إقرأ المزيد