توظيف الذكاء الاصطناعي لتعزيز الخدمات الصحية
‎جريدة الإتحاد -
[unable to retrieve full-text content]

تواصل دولة الإمارات العربية المتحدة تعزيز جهودها في استثمار تقنيات الذكاء الاصطناعي المتقدمة، باعتبارها أداة استراتيجية حيوية تهدف إلى رفع كفاءة الأداء الحكومي، وتطوير جودة الخدمات المقدمة للمواطنين والمقيمين، وتسريع الإجراءات والمعاملات، وتعزيز رضا المستفيدين، كما يعكس التزام الإمارات بالابتكار والتحول الرقمي في جميع القطاعات الحيوية.
ويُعتبر القطاع الصحي أحد أبرز القطاعات التي يتطوّر فيها الذكاء الاصطناعي بشكل مطّرد، وقد أعلنت وزارة الصحة ووقاية المجتمع مؤخراً أنها تعمل على إعداد سياسة وطنية جديدة تهدف إلى تعزيز الخدمات الصحية الذكية، وتوظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي في القطاع الصحي على نطاق أوسع، بهدف تحسين كفاءة الخدمات الصحية، وتوفير رعاية صحية شاملة ومتكاملة لجميع أفراد المجتمع.
وتعمل السياسية الجديدة للوزارة على وضع إطار وطني متعدد القطاعات، يضمن تعزيز الابتكار الرقمي، ويدعم استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي في الخدمات الوقائية والعلاجية والتأهيلية الذكية، على امتداد مختلف مراحل حياة الأفراد، وهو ما يرسّخ مكانة دولة الإمارات كنموذج عالمي في المجال الصحي، ويعزّز تنافسيتها في مجال الابتكار الطبي والتحول الرقمي، ويُرسي منظومة طبية تواكب الاحتياجات الصحية للمجتمع.
وترتكز السياسة الجديدة إلى رؤية القيادة الرشيدة بشأن ضرورة مسارعة الخطى نحو الاستفادة من الذكاء الاصطناعي وتطبيقاته، وهو ما يؤكده صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، في أن دولة الإمارات تسارع الخُطى في مسيرتها التنموية الشاملة عبر تبنّي وتوظيف التقنيات الحديثة، وفي مقدمتها الذكاء الاصطناعي في بناء اقتصاد رقمي متطور، عبر استثمارات استراتيجية في البنية التحتية الرقمية والصناعية.
وفي الواقع، فإن القطاع الصحي يُعد مِن أكثر القطاعات نمواً في دولة الإمارات، ويشهد تطوراً متواصلاً وفق منهجيات ومعايير عالمية، جعلت الدولة في صدارة الدول التي تحوي منشآت صحية معتمد. كما حرصت وزارة الصحة ووقاية المجتمع على تبنّي وإطلاق المبادرات والمشاريع المبتكرة، التي تولي المريض أهمية كبيرة ومحورية، وتعمل على تزويد المستشفيات بأحدث المعدات والتقنيات الطبية والخدمية في مختلف أنحاء الدولة، مع توفير كادر طبي احترافي ومتطور.
وتحرص دولة الإمارات أيضاً على تطوير أنظمتها الوقائية بشكل مستمر للحفاظ على صحة الفرد والمجتمع، وتوفير خدمات صحية شاملة ومميزة، وقد أطلقت، في هذا الإطار، العديد من المبادرات، منها على سبيل المثال لا الحصر، «برنامج التشخيص المبكر للسكري»، وبرنامج «السلامة الدوائية والإبلاغ عن الأدوية الضارة»، وغيرها من البرامج المتنوعة، كما أقامت الدولة شراكات متعددة مع مراكز صحية دولية مثل: «مركز إمبريال كوليدج لندن للسكري».
 وتأتي هذه السياسة الوطنية الجديدة التي تستهدف تعزيز الخدمات الصحية الذكية انسجاماً مع توجّهات دولة الإمارات التنموية، مثل «مئوية الإمارات 2071»، و«خطة الخمسين»، و«استراتيجية الإمارات للذكاء الاصطناعي 2031». وفي الواقع فإن وزارة الصحة ووقاية المجتمع لا تدّخر وسعاً في سعيها لتبني تطبيق الأنظمة الذكية، فقد وضعت الوزارة منذ وقت مبكر خطةً شاملةً لدمج الذكاء الاصطناعي في الخدمات الطبية، مع توفير إطار رقابي وحوكمة مبنية على مناهج علمية رصينة، ومبادرات تواكب المتغيرات الطبية.
لقد عملت دولة الإمارات، منذ نشأتها عام 1971، على تطوير قطاع الخدمات الصحية، وحققت في هذا الإطار نقلات نوعية كبيرة، واكبت أحدثَ المعايير الدولية والمستجدات العلمية، فضلاً عن تطوير أنظمة الوقاية ونشر الوعي الطبي بين أفراد المجتمع، والتوسع في بناء المستشفيات، والمراكز العلاجية، والخدمات الإسعافية، بما يصبّ في النهاية في دعم المسيرة التنموية التي تضع الإنسان في محور اهتمامها.
إنّ إطلاق وزارة الصحة ووقاية المجتمع لسياسة وطنية جديدة، ترتكز على تعزيز جودة الخدمات الصحية واستثمار قدرات الذكاء الاصطناعي، يمثل خطوة استراتيجية تعكس رؤية الإمارات في الريادة الصحية. فهذه السياسة تمكّن من ترسيخ الإنجازات الحالية، وابتكار آليات وخدمات متقدمة ترتقي بكفاءة النظام الصحي، وتواكب التحولات العالمية في الرعاية الصحية، مؤكدةً بذلك التزامَ الإمارات بتقديم نموذج صحي متكامل يوازن بين الابتكار والجودة والاستدامة.

*صادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية. 



إقرأ المزيد