تواصل دولة الإمارات العربية المتحدة إطلاق المبادرات والمشاريع الرامية لمواصلة ريادتها في مجال الإعلام، إدراكاً منها لأهمية هذا القطاع في تشكيل الصورة الذهنية للدولة وتعزيز مكانتها عالمياً. ويأتي في هذا الإطار إعلان مكتب أبوظبي الإعلامي إطلاق «نادي أبوظبي للصحافة»، كمبادرة استراتيجية تهدف إلى تعزيز التعاون المهني، وتبادل الخبرات بين الصحفيين والإعلاميين، وتطوير الشراكات مع مختلف المؤسسات والمنابر الإعلامية محلياً وإقليمياً ودولياً، بما يسهم في بناء منصة متكاملة تدعم تطوير المشهد الإعلامي للإمارة.

ويهدف «نادي أبوظبي للصحافة» إلى دعم العمل الإعلامي والصحفي عبر توفير بيئة مهنية محفّزة تقوم على الإبداع الإعلامي، وتبادل المعارف والخبرات، إلى جانب تطوير مهارات العاملين في القطاع من خلال برامج تدريبية وورش عمل متخصصة، تُسهم في إنتاج محتوى نوعي يعكس الهوية الإماراتية وقيمها الإنسانية والثقافية.

وفي الواقع فإن تأسيس هذا النادي يُمثل خطوةً نوعيةً في مسيرة تطوير العمل الصحفي والإعلامي في الدولة، بوصفه فضاءً شاملاً يُعنى بنقل وتحليل الاتجاهات الإعلامية، ويشهد تطورات تتجه بشكل متسارع نحو الإعلام الرقمي بأنواعه وتقنياته المختلفة، ومن شأن تأسيسه أن يتيح للصحفيين والإعلاميين إمكانية التعاون للارتقاء بالمهارات المهنية، وتوسيع مجالات الابتكار.

ويركز هذا النادي الجديد على الدمج بين التدريب العملي والتطوير التقني، حيث يقدم سلسلة من ورش العمل المتخصصة في الصحافة الرقمية، وتحليل البيانات، وتطوير المحتوى القائم على منهجيات بحثية دقيقة، إضافة إلى برامج في الإنتاج المرئي والمسموع وصناعة المحتوى متعدد المنصات.

وتسهم مثل هذه المبادرات في بناء جيل إعلامي قادر على تحويل الأفكار إلى مشاريع محتوى ذات أثر ملموس، بما ينعكس على جودة الإنتاج الإعلامي الإماراتي، ويعزز تنافسيته على المستويين الإقليمي والدولي.

وعلى صعيد الممارسة المهنية، فمن المقرر أن يعمل «نادي أبوظبي للصحافة» على تعزيز التفكير النقدي لدى الإعلاميين، عبر توفير مساحات بحثية تُعنى بدراسة تأثير الخطاب الإعلامي، وتقييم محتوى المنصات الرقمية، وفهم ارتباط الإعلام بالديناميات السياسية والاجتماعية والاقتصادية، بهدف تكوين كوادر تمتلك القدرة على قراءة التحولات العالمية ووضعها في سياقها الصحيح، بما يثري المحتوى الإماراتي بخلفية تحليلية أكثر رسوخاً.

كما يتيح النادي إمكانيةَ بناء الشراكات والتعاون مع مؤسسات إعلامية دولية ومراكز متخصصة، لتبادل الخبرات المهنية، والمشاركة في منصات عالمية مؤثرة، وربط الجمهور العالمي برؤى الدولة وإنجازاتها في مختلف المجالات. ويمتد الدور البحثي للنادي أيضاً إلى دعم المشروعات التي تدرس أنماط تفاعل الجمهور وتحوّلات العمل الإعلامي، وتطوير أدوات تقييم لقياس أثر المحتوى، ضمن توجه أوسع لبناء بيئة معرفية تُسهم في تعزيز الوعي المهني وترسيخ ثقافة التطوير المستمر داخل القطاع الإعلامي، مع مناقشة الاتجاهات الدولية الجديدة، واستكشاف سبل تطوير سرديات حديثة تتماشى مع هوية الدولة وتطلعاتها المستقبلية، استناداً إلى تحليل متقدم للبيانات، وهذا في مجمله، يشكل استثماراً طويل الأمد في رفع كفاءة المؤسسات الإعلامية، وتمكينها من مواكبة التغيرات الإعلامية المتسارعة.

لقد شهدت مسيرة الإعلام في دولة الإمارات تطوراً مستمراً، بدأ بإنشاء بعض الصحف المحلية، ثم إطلاق عدد من الإذاعات في إمارات الدولة، تلاه تأسيس محطات تلفزيونية وصحف يومية مرموقة مثل «الاتحاد» و«البيان» و«الخليج»، التي استحوذت على سمعة محلية وإقليمية، وقد واصل الإعلام الإماراتي مسيرةَ تطوره، ليشمل المنصات الإلكترونية، والإعلام الرقمي بأنواعه المختلفة. ولا يزال هذا القطاع يشهد توسعاً ونمواً متواصلين، عبر إنشاء عدد من المناطق الحرة الإعلامية، إضافة إلى تنظيم فعاليات ومؤتمرات عالمية كبيرة تشمل معظم المجالات الإعلامية.

ويأتي تأسيس «نادي أبوظبي للصحافة» ليشكل أداة مؤسسية تدعم إنتاج محتوى قادر على نقل التجربة الإماراتية بطرق مبتكرة، مستندة إلى فهم السياقات الثقافية والإعلامية العالمية، وبذلك، يرسّخ هذا النادي موقعه كركيزة استراتيجية إعلامية، ومحركاً فاعلاً لإنتاج محتوى نوعي يعبّر عن الهوية الإماراتية بأساليب حديثة، ويعزز قدرةَ الإعلام الوطني على التأثير عالمياً، ويدعم مكانة أبوظبي كعاصمة للإبداع الإعلامي.

*صادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.