جريدة الإتحاد - 11/26/2025 12:54:31 AM - GMT (+4 )
يتزايد القلق من الارتفاع الهائل في استهلاك الطاقة بسبب الذكاء الاصطناعي، خصوصاً مع التوسع في بناء مراكز بيانات ضخمة قد ترهق الشبكات الكهربائية، وتزيد التكاليف، وتُعرّض الخدمة لانقطاعات متكررة. ورغم هذا العبء المحتمل، يبقى للذكاء الاصطناعي دور محوري في تسريع التحول العالمي نحو الطاقة النظيفة.
الذكاء الاصطناعي أثبت فعاليته بالفعل في خفض استهلاك الطاقة والانبعاثات في المباني ووسائل النقل والعمليات الصناعية، إضافة إلى تحسين تصميم مواقع محطات الطاقة الشمسية والرياح ومنشآت التخزين.
وعلى مستوى الشبكات الكهربائية، تساعد الخوارزميات المتقدمة في رفع الكفاءة وخفض التكاليف ودمج كميات أكبر من الطاقة المتجددة، إلى جانب التنبؤ بالأعطال قبل وقوعها. كما يدعم الذكاء الاصطناعي خطط تطوير البنية التحتية، من التوليد إلى التخزين، ويُسهم في اكتشاف مواد جديدة للبطاريات والمفاعلات النووية والتقنيات المستقبلية.
خلال مؤتمرها البحثي لعام 2025، أعلن معهد MIT للطاقة عن «منتدى طاقة مراكز البيانات» لمواجهة تحديات الطلب المتزايد على الكهرباء من قطاع الذكاء الاصطناعي.
إدارة الشبكة في الزمن الحقيقي
شبكة الكهرباء اليوم أكثر تعقيداً من أي وقت مضى. توسّع الطاقة المتجددة، تقلّبات الطقس القاسية، والهجمات السيبرانية—all عوامل تجعل الحفاظ على الموثوقية مهمة دقيقة. وهنا يُظهر الذكاء الاصطناعي قيمته.
تؤكد الباحثة في MIT أنورادها ناسوامي أن الشبكة الحديثة تحتاج إلى «بنية معلوماتية» متكاملة تعزز البنية الفيزيائية. فالذكاء الاصطناعي يعالج مليارات البيانات لتحقيق التوازن اللحظي بين العرض والطلب ضمن أجزاء من الثانية، وهو شرط أساسي لعدم انقطاع الكهرباء، وفقًا لموقع «أم أي تي نيوز» المتخصص في أبحاث تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي.
كما يتيح النظام الذكي حلولاً عملية: شحن السيارات الكهربائية في أوقات انخفاض الطلب، السماح للثرموستات بتعديل درجات الحرارة تلقائياً، وحتى استخدام بطاريات المنازل والسيارات كإمداد احتياطي للشبكة. مراكز البيانات نفسها يمكنها تأجيل بعض العمليات لتخفيف الاستهلاك عند الذروة.
وتبرز «الصيانة التنبؤية» كأحد أهم مكاسب الذكاء الاصطناعي، فهي تحدد الأعطال قبل وقوعها، وتوفر الملايين، وتطيل عمر المعدات.
لكن بناء شبكة كهرباء تعتمد على الذكاء الاصطناعي يتطلب تعاوناً بين المهندسين والمشرعين وخبراء الاقتصاد، لضمان التنفيذ الآمن، ومنع أي سيناريوهات قاتمة مثل انقطاع واسع للطاقة.
قد يهمك أيضا.. الذكاء الاصطناعي يوجه المسيّرات رغم العوائق الطبيعية
تخطيط البنية التحتية لعقود قادمة
توسيع الشبكات الكهربائية عملية تمتد لسنوات طويلة. ويؤكد الباحث ديبجيوتي ديكا أن التنبؤ بما يجب بناؤه خلال العقد المقبل بات أكثر تعقيداً مع دخول مصادر متقطعة مثل الشمس والرياح، وتراجع الاعتماد على الاحتياطي التقليدي.
وتضيف التغيرات المناخية طبقة جديدة من التعقيد. الشبكة المستقبلية يجب أن تصمد أمام الأعاصير والفيضانات والحرائق. وهي أحداث تتزايد سنوياً. الذكاء الاصطناعي قادر على تحليل السيناريوهات المناخية والتنبؤ بآثارها بدقة.
ميزة أخرى مهمة: تسريع الدورة البيروقراطية. الأدوات الذكية تختصر شهوراً من التحليل، وتقلل عدد المرات التي تُعاد فيها الخطط بسبب ملاحظات الجهات التنظيمية، بفضل قدرتها على تصفح آلاف الصفحات من اللوائح وفهم ما يهم فعلاً.
محتوى مشابه.. فعالية الذكاء الاصطناعي البسيط مقابل النماذج المعقدة في التنبؤ بالمناخ
تسريع اكتشاف المواد اللازمة لثورة الطاقة
تطوير مواد جديدة للبطاريات والمفاعلات وتقنيات التحويل الطاقي كان يستغرق عقوداً. اليوم، الذكاء الاصطناعي يقلب هذه المعادلة.
يقول البروفيسور جو لي إن استخدام الذكاء الاصطناعي في علوم المواد «يتسارع بشكل غير مسبوق». الخوارزميات تسمح بإجراء محاكاة دقيقة على المستوى الذري، ما يقدّم قواعد تصميم جديدة لمواد أقوى وأكثر كفاءة.
وفي المختبر، يتكامل الذكاء الاصطناعي مع الروبوتات. يقترح التجارب، يعدّلها الباحث، وينفذها الذراع الآلي بدقة. هذا «الذكاء المختبري» يسرّع الدورة الكاملة للتطوير، ويخفض التكلفة، ويزيد فرص اكتشاف مواد ثورية في سنوات بدلاً من عقود.
تعرف على.. الذكاء الاصطناعي يحدث ثورة في مجال الهندسة المعمارية
مبادرات MIT: من النماذج إلى التطبيقات
يدعم MIT مشاريع متعددة تستفيد من الذكاء الاصطناعي، من تحسين استقرار مفاعلات الاندماج، إلى تحليل البيانات التنظيمية والشبكية، إلى تحسين تصميم الخلايا الشمسية والمواد الحرارية.
كما يعمل باحثوه على روبوتات تتعلم مهام الصيانة لتسريع نشر البنية التحتية للطاقة المتجددة، إلى جانب تحسين تصميم مراكز البيانات لتقليل استهلاكها للطاقة.
وفي ختام مؤتمر «الذكاء الاصطناعي والطاقة: المخاطر والوعود» في مايو 2025، أكد مدير MITEI ويليام غرين أن التحدي الآن مزدوج: مواجهة استهلاك الطاقة المتصاعد لمراكز البيانات، والاستفادة القصوى من الذكاء الاصطناعي لدعم الانتقال الطاقي. وكلاهما أصبح أولوية بحثية لا يمكن تجاهلها.
أسامة عثمان (أبوظبي)
إقرأ المزيد


