جريدة الإتحاد - 5/29/2025 12:19:35 AM - GMT (+4 )

يحلم أمراء حديقة باريس، بأن يعلنهم نهائي دوري الأبطال هذا السبت بمعقل الجمال، أليانز أرينا بميونيخ، ملوكاً يجلسون لأول مرة على عرش كرة القدم الأوروبية، هم من خانتهم تجربتهم القاصرة قبل القصيرة، في القبض على الكأس ذي الأذنين الطويلتين، يوم بلغوا النهائي لأول مرة سنة 2020، وخسروه في زمن الجائحة أمام بايرن ميونيخ بهدف مقابل لاشيء.
والحلم الباريسي يقاس بالحالة الذهنية التي يوجد عليها لاعبو «بي إس جي»، لما يرمي به الوصول للنبع الأخير من ضغط نفسي رهيب، ويقاس بالمقومات الفنية الخالصة، وقد دلنا باريس سان جيرمان في عبوره لكل الحواجز على خصوبة زاده التكتيكي، ويقاس ثالثاً بمن سيكون منافساً لأمراء الحديقة، نادي إنتر ميلان الذي يملك بجماعيته الخارقة الكثير من الأسلحة التكتيكية الناسفة، ويقاس في الأخير بالبراعة في حسم الجزئيات الصغيرة، التي تجعل في أحايين كثيرة من المباريات النهائية سلسلة من المضادات التكتيكية، فتُربح هذه النهائيات ولا تُلعب.
لا خلاف على أن من وصلا لنهائي دوري أبطال أوروبا، هما من أفضل من دعوا للمشاركة في هذه النسخة الحالية، إلا أن ما أظهرته المباريات في الأدوار كافة أن باريس سان جيرمان يقدم مجسماً لكرة التحول بمعناها الجديد، فقد نجح لويس إنريكي الذي هو من سلالة التيكي تاكا، بحكم تشبعه بفلسفة الراحل يوهان كرويف، في بناء فريق باريسي يعزف بدقة متناهية كل أنغام المعزوفة المعشوقة من الجميع، ليقدم في النهاية عرضاً كروياً فخماً.
وكان من ملامح عبقرية لويس أنريكي، هو من جيء إليه ذات وقت بعدد من الأساطير والنجوم الكبار، من ميسي إلى نيمار، مروراً بدي ماريا ومبابي وسيرخيو راموس، أنه أوصى برحيل كل هؤلاء، ليؤسس خلية نحل، صممها على مقاس فكره التكتيكي. خلية نحل لم تأخذ وقتاً طويلاً لتبدأ في طرح عسلها اللذيذ، وفي إنتاج كرة قدم هي السهل الممتنع بعينه، فريق يستطيع أن يلعب كل النزالات باختلاف أوزانها وحتى تعقيداتها، بمنتهى الدقة والحرفية والجمال أيضاً.
هذا الفريق لم يقف جماعياً فقط عند لعب كرة قدم متحولة، بل تعداه إلى أنه قدهم تعريفات تكتيكية جديدة كسرت نمطية الأدوار، فما عاد وسط الميدان يلعب بالنسق الكلاسيكي بوجود لاعبين مهاريين هما فيتينيا ونيفيس، وما عادت هناك حاجة للعب برأس حربة مع الاعتماد على الأجنحة الدوارة، وبات عثمان ديمبيلي بنسخة باريسية رائعة تختلف كلياً عن نسخة برشلونة، وما فاجأنا، هو إخراج أشرف حكيمي من فضاء الظهير الصغير إلى مساحات أرحب، أخرجت من حكيم كل الذي كان ساكناً من إبداع تحت جناحيه، فغدا المغربي رمزاً جديداً للظهير المتحور.
هذه هي باريس كما صممها لويس إنريكي، مستوحاة من عاصمة التقليعات الساحرة في عالم الموضة، قدرها وهي تحلم بعرش أوروبا أن تلتقي بإنتر الذي يمثل مدينة أخرى تأسر العالم بسحر تقليعاتها، هي ميلانو، فما أجملها من مبارزة في قلعة أليانز أرينا بميونيخ المدهشة!.
إقرأ المزيد