ترامب.. وجائزة السلام الأميركية
‎جريدة الإتحاد -
[unable to retrieve full-text content]

عزيزي الرئيس ترامب، أكتب إليك هذه الكلمات، وأنا أستقلّ القطار ليلاً من الحدود البولندية–الأوكرانية متجهاً إلى كييف. كان ينبغي أن ينشغل ذهني بالحرب في أوكرانيا، لكنني في الحقيقة أفكر فيك، وفي السبب الذي يجعل ما بعد جريمة قتل تشارلي كيرك البشعة ربما تكون اللحظة الأهم في رئاستك - تبعاً للطريقة التي ستتعامل بها معها.

لأكن صريحاً: من الصعب أن تفوز بجائزة نوبل للسلام، التي تطمح إليها بشدة، من خلال الوساطة بين الأوكرانيين وفلاديمير بوتين، أو بين الإسرائيليين والفلسطينيين في غزة. لا يبدو أيٌ من هذين الصراعين ناضجاً للحل في الوقت الراهن. لكن لديك فرصة للفوز بأمر أعظم بكثير وأكثر تاريخية: جائزة السلام الأميركية.

عزيزي الرئييس ترامب: اصنع السلام في وطنك. اصنع السلام بين الأميركيين. تلك هي جائزة السلام التي لا تحتاج إلى أن يمنحك إياها أحد. إنها بانتظار أن تصنعها أنت وتأخذها. هذه الجائزة الأميركية للسلام لن يمنحها الاسكندنافيون، بل سيمنحها التاريخ. سيقال إنّه عندما اقترب الأميركيون من حربٍ أهلية أكثر من أي وقت مضى منذ الحرب الأهلية، فاجأ الرئيس دونالد ترامب الجميع بشكل إيجابي: دعا باراك وميشيل أوباما، وبيل وهيلاري كلينتون، وجورج ولورا بوش، وقادة الحزبين في مجلس الشيوخ والنواب الديمقراطيين والجمهوريين، وجميع قضاة المحكمة العليا التسعة، وقال: «تعالوا إلى البيت الأبيض، ودعوا البلاد ترانا نقف معاً ضد العنف السياسي، ونتعهد بأن نكون نموذجاً في الخطاب المدني والاختلاف - في خطاباتنا وعلى الإنترنت - وسنُدين عكس ذلك عندما نراه سواءً من أنصارنا أو من خصومنا».

إن تجاوز الأسبوع المقبل أمر مهم، سيادة الرئيس. والتحدي يبدأ اليوم بمحاولة صنع السلام والاستمرار في ذلك. حتى وأنا في هذا القطار المتجه إلى كييف، أسمع أصواتاً في أميركا تقول: «لن يفعل دونالد ترامب ذلك أبداً.

هذا ليس من طباعه. لم يفاجئنا يوماً بخطوة إيجابية». «بل على العكس تماماً. يوم الأربعاء قال إنه يخطط لتسخيركامل ثِقَل إدارته ضد من ساهموا في خلق بيئة من العنف السياسي اليساري المتطرف. ويوم الجمعة، كرر نفس الكلام». سيدي الرئيس، إذا تعاملتَ مع سرطان التطرف السياسي الذي ينخر في روح بلدنا على أنه قادمٌ فقط من أقصى اليسار وليس من أقصى اليمين، فستدمر إرثك، وستدمر البلاد. بعد توقيع الاتفاقيات الإبراهمية، اتصلتَ بي وأخبرتني أنني فاجأتك – إذ كنت تظن أن صحيفة نيويورك تايمز لن تسمح لي أبداً بكتابة مقالٍ داعمٍ لإنجازك في صنع في الشرق الأوسط. حسناً، أتوسل إليك الآن، سيدي الرئيس: فاجئني. فاجئنا جميعاً، واصنع السلام في أميركا. لا شيء. لا شيء على الإطلاق سيعزل المتطرفين من اليسار واليمين أكثر مما لو فعلتَ ذلك. ولن يكون هناك ما هو أفضل للبلاد من محاولة تهدئة الناس وتوحيدهم. رغم أن هذا قد يبدو غير واقعي، إنني أرفض استبعاد إمكانية رفع شأن البلاد، لا تقسيمها فحسب، لأن المخاطر جسيمة.

لا تخدع نفسك: إذا هاجمت أصوات اليسار المتطرف فقط، فستتجاهل ما أعتبره أفضل نصيحة قدمها أبراهام لنكولن لجميع خلفائه، والتي ألقاها في خطابه أمام مدرسة الشباب في سبرينجفيلد، إلينوي: «متى نتوقع اقتراب الخطر؟... أجيب، إذا ما وصل إلينا يوماً ما، فلا بد أن ينبع من بيننا. لا يمكن أن يأتي من الخارج. إذا كان الدمار من نصيبنا، فعلينا أن نكون نحن صانعيه ومُنفذيه. كأمة من الأحرار، إما أن نعيش إلى الأبد أو نموت منتحرين».

توماس فريدمان*

*كاتب أميركي.

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز» 
     



إقرأ المزيد