جريدة الإتحاد - 9/17/2025 12:37:36 AM - GMT (+4 )

يقوم دونالد ترامب بزيارته الرسمية الثانية إلى المملكة المتحدة في الفترة من 16 إلى 17 سبتمبر. ولم يسبق لرئيس أميركي آخر أن حظي بمثل هذا التكريم. فترامب يقيم ضيفاً لدى الملك تشارلز في قلعة وندسور، ويُقام حفل عشاء رسمي على شرفه. ومن غير المرجح أن يُلقي كلمةً أمام البرلمان لأنه في عطلة، لكن الفرصة متاحة أمامه لإلقاء خطاب رسمي.
ومن بين جميع الدول الأجنبية التي يزورها، يُفترض أن يشعر ترامب بأكبر قدر من الألفة في المملكة المتحدة. فوالدته، ماري آن ماكلاود، وُلدت في جزيرة لويس في أسكتلندا، وجاءت إلى الولايات المتحدة عندما كانت في السابعة عشرة من عمرها. ويمتلك ترامب ملعبين مرموقين للجولف في أسكتلندا، كما أنه استمتع بصحبة العائلة المالكة، وخاصة الملكة إليزابيث، خلال زيارته في يونيو 2019. واتّسمت العلاقة الأنجلوأميركية الخاصة بقوة خاصة في مجال التعاون الأمني. وتواصل الولايات المتحدة المساهمة بتكنولوجيا حيوية في الردع النووي البريطاني، كما أن ترامب متحمس لانخراط الشركات الأميركية بشكل أكبر في قطاع الطاقة النووية المدنية في بريطانيا. ويُشاطر العديد من المواطنين البريطانيين ترامب وجهات نظره حول الهجرة غير الشرعية وتكاليف توفير الرعاية الاجتماعية والخدمات الطبية لطالبي اللجوء.
وتأتي الزيارة في وقتٍ يتعرض فيه ترامب لضغوط على الساحة الدولية، ويحتاج فيه إلى إعادة تأكيد مكانته كزعيم قوي. فقد تأثر بثلاثة أحداثٍ وقعت مؤخراً. أولًا، نظّم قمةً حظيت بتغطية إعلامية واسعة في ألاسكا مع الرئيس فلاديمير بوتين. فقد استقبل ترامب الزعيمَ الروسي بالسجاد الأحمر وباستعراض جوي، آملاً أن يوافق على وقف إطلاق النار مع أوكرانيا. لكن بوتين رفض، وفي الأيام التي تلت الاجتماع، كثّفت روسيا هجماتها الصاروخية والطائرات المسيرة على المدن الأوكرانية. وقد اشتكى ترامب من مواقف بوتين، لكنه حتى الآن لم يحقق شيئاً ملموساً.
ثانياً، استضاف منافسُه الأكبر، الزعيم الصيني شي جين بينج، اجتماعاً لمنظمة شنغهاي للتعاون (SCO) في أواخر أغسطس، تلاه عرضٌ عسكري بمناسبة «يوم النصر» في بكين في الثالث من سبتمبر. حضر العديدُ من قادة العالم كلا الحدثين أو أحدَهما على الأقل. كان ناريندرا مودي، رئيس وزراء الهند، في شنغهاي إلى جانب بوتين والرئيس التركي رجب طيب أردوغان. كما حضر بوتين وزعيم كوريا الشمالية العرضَ العسكري. وكان الطابع العام لكلا الحدثين هو تحدي النظام الغربي القائم على القواعد، الذي تأسس بعد الحرب العالمية الثانية.
أما الاستفزاز الثالث، فقد وقع في 9 سبتمبر عندما قامت طائرات مسيّرة روسية بالتحليق في المجال الجوي البولندي.
لهذه الأسباب، سيكون من الحكمة أن يستغل ترامب زيارتَه إلى المملكة المتحدة لإلقاء خطاب يوضح فيه أنه يقف بحزم إلى جانب الحلفاء في «الناتو» وأوكرانيا، وأنه لن يتسامح مع المزيد من الانتهاكات. كما ينبغي أن يكون أكثر وضوحاً بشأن فرض مزيد من العقوبات الغربية على روسيا، وأن يرفع القيودَ عن استخدام أوكرانيا للصواريخ بعيدة المدى، وأن يعمل مع الأوروبيين، فيما يخص مصير الأصول الروسية المجمّدة في المؤسسات المالية الأوروبية، للمساهمة في تغطية تكاليف إعادة إعمار أوكرانيا، والتي لا بدّ أنها بلغت الآن مليارات الدولارات. ومن المرجح أن يحظى بدعم من الحزبين في مجلس الشيوخ الأميركي لهذه الإجراءات الأكثر صرامة.
وإلى جانب الوقوف في وجه روسيا، ينبغي له أيضاً أن يطرح موقفاً أميركياً مميزاً لإنهاء الحرب في غزة، وأن ينأى بنفسه عن تجاهل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو السافر للمصالح الأميركية. فنتنياهو، من خلال شن هجوم على مقر لحركة «حماس» في قطر، يوم 9 سبتمبر، قد هدد حليفاً وثيقاً لواشنطن يستضيف أكبرَ قاعدة عسكرية أميركية في الشرق الأوسط. إن آمال ترامب في النجاح، وربما الفوز بجائزة نوبل للسلام، مقابل إنهاء الحربين في أوكرانيا وغزة، تصبح أقل احتمالاً إذا استمر في التردد بشأن المعاملة التي يتلقاها من أصدقائه المفترضين.
*مدير البرامج الاستراتيجية بمركز «ناشونال إنترست» - واشنطن
إقرأ المزيد