فوز «بهاراتيا جاناتا».. قوةٌ لمودي
‎جريدة الإتحاد -
[unable to retrieve full-text content]

أكد الفوز الحاسم الذي حققه رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي في انتخابات ولاية بيهار الشرقية، تنامي النفوذ السياسي لحزبه «بهاراتيا جاناتا». وعبر التحالف مع الحزب الإقليمي «جانتا دال»، حقق الحزب الحاكم فوزاً ساحقاً بحصوله على 202 من أصل 243 مقعداً في الولاية. وزاد من أهمية هذا الفوز أن رئيس وزراء بيهار الحالي، نيتيش كومار، زعيم حزب «جاناتا دال» الإقليمي الذي يدعم حزب «بهاراتيا جاناتا» في الحكومة الفيدرالية، أدى اليمين الدستورية للمرة العاشرة، وهو رقم قياسي.

ووصف مودي النتيجة بأنها انتصار لتحالفه «وللديمقراطية نفسها».

وأُجريت الانتخابات قبل أسبوعين في ولاية بيهار، الواقعة في قلب الهند، والتي تُعد مصدراً تقليدياً لنفوذ الحزب الحاكم. وعلى الرغم من كثرة الأحزاب السياسية الإقليمية في الولاية، فقد أثبت حزب «بهاراتيا جاناتا» قوتَه، ونجح في توسيع نفوذه السياسي في هذه الولاية التي تضم أكثر من 74 مليون ناخب، وهي من أفقر ولايات الهند. ومع ذلك، جاءت النتائج لتفاجئ الجميع، حيث أكد الناخبون بوضوح أنهم غير متأثرين بالسياسات المناهضة للحكم. وبلغت نسبة المشاركة هذا العام 66.91%، وهو رقم قياسي منذ عام 1951، مع خروج النساء للتصويت بأعداد تفوق الرجال.

وقد أُجريت الانتخاباتُ على مرحلتين هذا الشهر. وبينما حصل حزب «بهاراتيا جاناتا» على 89 مقعداً، فاز حليفه حزب «جانتا دال» بـ85 مقعداً. أما المقاعد الـ28 المتبقية فذهبت إلى أحزاب إقليمية أصغر. ويُعد حصول حزب «بهاراتيا جاناتا» على مقاعد أكثر من شريكه في التحالف أمراً مهماً، إذ يؤكد أن الحزب الحاكم أصبح قوة سياسية لا يستهان بها. ويمنح هذا الفوزُ أنصارَ الحزب زخماً جديداً للاستعداد للانتخابات المقبلة، لا سيما في ولايات آسام، والبنغال الغربية، وتاميل نادو العام المقبل. وفي هذه الدورة من انتخابات بيهار، لعبت النساء دوراً كبيراً في فوز التحالف الذي يقوده حزب «بهاراتيا جاناتا»، في مواجهة تحالف يضم أحزاباً معارضةً مثل «راشتريا جناتا دال» و«حزب المؤتمر» العريق. ورغم أن جميع الأحزاب حاولت استمالة النساء باعتبارهن كتلة انتخابية حاسمة، فإن «بهاراتيا جاناتا» كان الحزب الأكثر نجاحاً في كسب تأييدهن.

وفي هذه الانتخابات، تفوق عدد النساء على الرجال، واعتُبرن سبباً رئيسياً في فوز التحالف الحاكم. وقد اتخذ رئيس وزراء الولاية سلسلةَ خطوات لدعم المرأة، مثل توفير الدراجات المدرسية المجانية للفتيات مما خفّض معدلات التسرب بين الفتيات، والتحويلات النقدية للتعليم، ودعم الإسكان.

وفي هذه الانتخابات، قام التحالف الحاكم بتحويل 10000 روبية في حساب كل فتاة على حدة. ولا يزال النظام الطبقي في الهند يسيطر بقوة على النسيج السياسي والاجتماعي. ففي الانتخابات، يصوّت الناس عادة لمرشحين من طبقتهم، وتختار جميع الأحزاب السياسية تقريباً، كجزء من استراتيجيتها السياسية، مرشحاً من الطبقة المهيمنة في قطاع معين من البرلمان. ولذا، لا تزال الطبقة عامل جذب قوي. وتحاول الأحزاب السياسية تشكيل ائتلاف قائم على الدعم الطبقي المتوقع فوزه.

كما تُعدّ الطبقة مؤشراً مهماً لهوية الفرد، وهي السبب وراء تفتيت أصوات الشباب. وعلى سبيل المثال، يسعى الحزب السياسي الإقليمي الرئيسي الآخر، وهو «راشتريا جانتا دال»، إلى استقطاب أصوات الأقليات والطبقات الدنيا، إذ تُشكل هاتان المجموعتان قاعدةَ دعمه الأساسية، بينما يأتي دعم حزب «بهاراتيا جاناتا» من ناخبي الطبقة العليا.

وتقع بيهار في قلب منطقة ذات أهمية سياسية بالغة. ومع أن نحو 58 في المئة من سكانها تحت سن الخامسة والعشرين، ما يجعلها في صميم «العائد الديموغرافي» للهند، فإن ضعف البنية التحتية وقلة نمو القطاع الخاص يدفعان الشباب للهجرة، سواء إلى دلهي للعمل في الخدمات أو إلى دول الخليج للعمل في مجال البناء. وتعتمد قدرة الهند على الاستفادة من هذا العائد الديموغرافي على ما يحدث في ولايات مثل بيهار، مما يجعل هذه الانتخابات مصيرية. وهكذا مثلت انتخابات بيهار انتكاسةً لتحالف المعارضة. ورغم اتهام المعارضة للجنة الانتخابية بتعديل قوائم الناخبين لصالح الحزب الحاكم، فإن هذه المزاعم لم تلقَ أي صدى. ولا شك في أن الخسارة ضربة كبيرة لأحزاب المعارضة التي فشلت في تشكيل جبهة قوية في مواجهة «بهاراتيا جاناتا». ومع ذلك، قد لا تكون الجولة القادمة من الانتخابات سهلة تماماً على «بهاراتيا جاناتا» الحاكم. لكن في الوقت الحالي، تستمر هيمنة الحزب ونفوذه السياسي في النمو، مما يُمثل دَفعةً قويةً لرئيس الوزراء ناريندرا مودي وتحالفه السياسي.

*رئيس مركز الدراسات الإسلامية - نيودلهي



إقرأ المزيد