منصات التواصل الاجتماعي منفذ للاحتيال الإلكتروني
‎جريدة الإتحاد -
[unable to retrieve full-text content]

في ظلّ التوسع الكبير في استخدام الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي على وجه الخصوص، باتت عمليات الاحتيال الرقمي وسرقة الهوية الإلكترونية عبر مواقع التواصل الاجتماعي من أبرز التهديدات، التي تستهدف الأفراد والمؤسسات على حد سواء، حيث يلجأ المحتالون إلى أساليب مخادعة، تعتمد على انتحال صفة أشخاص أو جهات موثوقة لإقناع الضحية بالكشف عن معلوماته أو تحويل أموال، وغالباً ما يستخدمون الهاتف والبريد الإلكتروني والمنصات الرقمية ووسائل التواصل الاجتماعي للوصول إلى أهدافهم.

وتتمثل خطورة هذه العمليات في صعوبة اكتشافها في بدايتها، إذ لا يدرك الضحية حقيقة الخدعة إلا بعد فوات الأوان، مما يجعل الوعي واليقظة خط الدفاع الأول في مواجهة هذا النوع من الجرائم. وتعتمد معظم عمليات الاحتيال على ممارسة ضغوط نفسية لدفع الضحية إلى اتخاذ قرار سريع قبل التأكد من هوية الجهة، فكلما قلّ الوقت المتاح للتفكير، زادت فرص نجاح المحتال في تنفيذ مخططه. وتشمل هذه الأساليب طلبات من أشخاص مجهولين عبر منصات التواصل الاجتماعي، يطلبون بيانات شخصية، أو عروضاً مغرية بالإثراء السريع عبر تحويل مبالغ مالية صغيرة. كما يلجأ المحتالون إلى تقديم طلبات تبدو رسمية للحصول على معلومات حسّاسة مثل أرقام الحسابات أو كلمات المرور، رغم أن المؤسسات المالية الموثوقة لا تطلب مثل هذه المعلومات عبر منصات التواصل الاجتماعي.

ويُعدّ التصيّد الإلكتروني أحد أكثر أساليب الاحتيال انتشاراً على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث تُرسل رسائل تحمل شعارات لجهات معروفة بهدف خداع المستخدم وتشجيعه على فتح رابط أو تحميل ملف خبيث. ويُطلب من الضحية إدخال بياناته في صفحة مزيفة، ليتم استخدامها لاحقاً في انتحال هويته وسرقة أمواله.

وتظهر رسائل التصيد غالباً على شكل تحذير بوجود مشكلة في الحساب، أو إشعار بربح جائزة مالية، أو قسيمة مجانية، أو طلب تحديث المعلومات الشخصية. لذلك، يجب تجنّب الضغط على أي رابط مشبوه والامتناع تماماً عن مشاركة كلمات المرور أو البيانات الحساسة في أي رسالة عبر هذه المنصات. كما ينتشر أسلوب استنساخ المواقع الإلكترونية، الذي يعتمد على إنشاء نسخة مشابهة تماماً لمواقع البنوك أو الجهات المالية مع تغيير طفيف في العنوان الإلكتروني. ويهدف هذا الأسلوب إلى إقناع المستخدم بإدخال بياناته اعتماداً على التشابه الكبير بين الموقع المزيف والأصلي. وغالباً ما تتضمن هذه المواقع أرقام تسجيل وهمية أو بيانات اتصال تبدو رسمية، لكنها في الحقيقة تقود إلى مراكز احتيالية خارج الدولة.

وهنا تبرز أهمية التحقق من الشركات عبر السجلات الرسمية، واستخدام أنظمة الدخول الآمن، وتجنّب مشاركة أي بيانات عبر المنصات المختلفة دون التأكد من الجهة المرسلة. أما الإعلانات المالية فهي بدورها مجال تستغله بعض الجهات غير الموثوقة لاستدراج الضحايا عبر عروض مضلّلة. ويجب أن تتميّز الإعلانات الشرعية بالوضوح والعدالة وعدم التضليل، وأن تقدم شرحاً دقيقاً لطبيعة المنتج أو الخدمة وتكاليفها ومخاطرها. وعلى المستخدم التحقق مما إذا كان الإعلان واضحاً ومفهوماً ويذكر الجهة المقدمة له.

وفي حال الاشتباه بأن الإعلان غير مطابق للمعايير المهنية، سواء قبل أو بعد شراء الخدمة، يجب التواصل مع الجهة الرقابية المختصة للإبلاغ عنه. ومن خلال اتباع هذه الإرشادات، يصبح المستخدم أكثر قدرة على حماية نفسه وممتلكاته في البيئة الرقمية المتسارعة. ولضمان حماية المستخدمين من الوقوع ضحايا للاحتيال الرقمي عبر وسائل التواصل الاجتماعي، من الضروري الالتزام بهذه الممارسات الوقائية التي تعزز الأمان الرقمي.

وتشمل أيضاً تفادي التفاعل مع الروابط أو الرسائل المشبوهة، والتحقق دائماً من هوية الحسابات والجهات المرسلة عبر القنوات الرسمية قبل مشاركة أي معلومات، كما يُنصح باستخدام كلمات مرور قوية وتفعيل خاصية التحقق الثنائي للحسابات وحجب أي رسائل تطلب بيانات شخصية أو مالية دون مبرر واضح. وينبغي الإبلاغ الفوري عن أي محاولة احتيال للجهات المختصة، إلى جانب متابعة الحملات التوعوية والبقاء على اطلاع دائم بأحدث أساليب الخداع الإلكتروني، بما يضمن حماية الخصوصية وسلامة الأفراد في البيئة الرقمية المتنامية.

*رئيس مجلس الأمن السيبراني لحكومة دولة الإمارات.



إقرأ المزيد