وكالة أنباء الإمارات - 12/9/2025 10:08:31 AM - GMT (+4 )
أبوظبي في 9 ديسمبر/ وام/ نظم مركز تريندز للبحوث والاستشارات بالتعاون مع الشركة العالمية للاستثمارات الإعلامية IMI، ندوة دولية بعنوان " تفكيك السرديات المتطرفة في عصر الذكاء الاصطناعي والإعلام الرقمي"، بحضور نخبة من الخبراء والأكاديميين والإعلاميين المتخصصين، وذلك ضمن مشاركته في قمة "بريدج 2025".
وأكد الدكتور محمد عبد الله العلي، الرئيس التنفيذي لمركز تريندز، في كلمته الافتتاحية للندوة، أن التطرف لم يعد قائماً على التفاعل المباشر، بل أصبح يعتمد على مساحات رقمية متخفية يصعب رصدها.
وأوضح أن الجماعات المتطرفة باتت تمتلك قدرة غير مسبوقة على تجزئة المحتوى وتوجيهه نحو شرائح دقيقة، خاصة الشباب الصغار ومستخدمي المحتوى القصير.
وأشار إلى أن "تريندز" يعمل على توظيف المعرفة العلمية لتفكيك الخطابات المتطرفة وصياغة سرديات بديلة تعزز قيم السلام والاعتدال، مثمناً جهود الشركاء الدوليين والمشاركين في الندوة.
وأضاف أن مواجهة هذا التطرف الناعم تتطلب أذرعاً متعددة تشمل التعليم والإعلام والتشريعات والتحليل البحثي، مؤكداً أن بناء حصانة فكرية عامة هو الحل الأكثر أهمية على المدى الطويل.
وشهدت الجلسة مشاركة عدد من المتحدثين الذين قدموا رؤى تحليلية معمقة حول خطورة تطور السرديات المتطرفة في بيئة الذكاء الاصطناعي والتواصل الرقمي، وطرحوا مجموعة من الحلول الإستراتيجية لمواجهتها.
وشارك في الندوة كل من سعادة الدكتور محمد حمد الكويتي، رئيس مجلس الأمن السيبراني لحكومة دولة الإمارات، والسيناتورة الفرنسية ناتالي غوليه عضو مجلس الشيوخ عن منطقة أرون نورماندي، وغوستاف غوستتيناو الأمين العام للمنظمة الأوروبية لمكافحة الإرهاب ومنع النزاعات، والباحثة والإعلامية الأمريكية إيميلي أوستن، والدكتور ستيرلنج جينسن، الأستاذ بجامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية.
وأدارت الحوار الإعلامية ميشيلا حداد من قناة "سكاي نيوز عربية"، محددة طبيعة التهديدات الرقمية المعاصرة، مؤكدة أن العالم يعيش اليوم منطقة حرب رقمية تُدار فيها المعارك عبر المحتوى والبرمجيات والخوارزميات، وليس عبر الجيوش التقليدية.
وأشارت إلى أن الجماعات المتطرفة استطاعت استغلال البيئة الرقمية بدرجة غير مسبوقة، فأصبحت قادرة على نشر رسائلها على نطاق واسع دون الحاجة إلى حضور ميداني. وبيّنت أن ضغطة واحدة على الهاتف باتت قادرة على إيصال خطاب متشدد إلى آلاف الأشخاص في لحظات.
وأكدت أن الإعلام أصبح اليوم طرفاً أساسياً في مواجهة هذه السرديات، ليس عبر الخبر فقط، وإنما عبر التحليل وكشف الإطار الخفي للمحتوى المحفز للكراهية، مشددة على أهمية الوعي العام والرقابة الذاتية.
وبينت أن نجاح مواجهة التطرف الرقمي يعتمد على قدرة المؤسسات البحثية والمنصات الإعلامية وصنّاع القرار على التحرك المشترك، معتبرة الندوة محطة فكرية مهمة لوضع خارطة مواجهة فعلية لهذا التحدي المتصاعد.
من جهته قدم سعادة الدكتور محمد الكويتي، طرحاً شاملاً حول منظومات الأمن الرقمي في الإمارات، مؤكداً أن نجاح الدولة في تصدر مؤشرات الأمن السيبراني العالمية يعود لتكامل المشهد بين المجتمع والمؤسسات التعليمية وشركات التكنولوجيا والجهات الأمنية.
وبين أن التطرف الرقمي اليوم لا يستهدف البنية المعلوماتية فقط، بل يستهدف "منظومة الوعي الجمعي"، وأن الجماعات المتطرفة تعتمد على التلاعب بالمعلومات وإعادة تدوير المحتوى وتحفيز الاستقطاب العاطفي بهدف خلق ردود أفعال مليئة بالشك والكراهية.
ودعا إلى تطوير برامج وقاية رقمية تسهم في خلق جدار معرفي واقٍ يسبق أي حلول تقنية.
من ناحيته كشف الأمين العام للمنظمة الأوروبية لمكافحة الإرهاب ومنع النزاعات، عن نتائج تحليل ميداني لمنهجيات جماعة الإخوان المسلمين في توظيف الاتصال الرقمي. وأوضح أن الجماعة تعمل وفق إستراتيجيات متدرجة تبدأ ببناء صورة خيرية وتنتهي بصناعة سرديات مضادة للدولة والمجتمع.
وأشار إلى أن أخطر أدوات الجماعة هي ما أسماه الجهاد الاتصالي، أي الاستخدام المكثف والاحترافي للمنصات الرقمية لبناء جماهير رقمية، ليس بهدف التعبئة المباشرة فقط، بل كرصيد مستقبلي لتفعيل الاحتجاج أو الضغط السياسي.
وشدد على ضرورة مواجهة الجماعات الهجينة عبر مراكز تحليل متخصصة لا تركز فقط على المحتوى، بل على الشبكات المنظمة المنتجة له.
من جانبها أكدت السيناتورة الفرنسية ناتالي غوليه أن جزءاً كبيراً من خطورة التطرف الرقمي يتصل بغياب مسؤولية المنصات الكبرى، التي أصبحت محرراً غير رسمي للمحتوى.
وأوضحت أن الذكاء الاصطناعي يجري ترتيبات المحتوى بناء على حجم تداوله وليس على دقته أو قيمته الأخلاقية، وهو ما يمنح المحتوى المتطرف أولوية انتشار أعلى من المحتوى التنويري.
وطالبت بضرورة صياغة تشريعات واضحة تحمل المنصات مسؤولية ما يتم تداوله، خاصة فيما يتعلق بمحتويات تستهدف القصر والأقليات، مؤكدة أن إعادة التفكير في الإطار القانوني هو جزء من المعركة الأساسية ضد التطرف غير المرئي.
من ناحيته تناول الدكتور جينسن الجانب التربوي والنفسي في مكافحة التطرف الرقمي، مؤكداً أن الشباب أصبحوا يعتمدون على الذكاء الاصطناعي في البحث عن المعلومات دون القدرة على تقييم موثوقيتها، مشيرا إلى أن غياب التجارب الاجتماعية الحقيقية يفتح المجال لتمرير سرديات مشوهة تبني عوالم فكرية مغلقة.
وشدد على أهمية تضمين مهارات تحليل الرسائل الإعلامية والتمييز بين الحقيقة والادعاء في المناهج الدراسية، سواء في التعليم العام أو الجامعي، مؤكداً أن المناعة الفكرية هي السلاح الأقوى قبل الوقاية التقنية.
وناقش المتحدثون ضرورة دمج آليات التحليل السردي بالذكاء الاصطناعي، واعتماد منهجيات مقارنة لرصد تطور المحتوى المتطرف عبر الزمن، وتطوير نماذج قدرة على التنبؤ بحركات الانتشار ومستويات التأثير.
وخرجت الجلسة بتوصيات تضمنت أهمية تعزيز التعاون بين مؤسسات الفكر والشركات التقنية الدولية، وبناء شبكات مراقبة معرفية متخصصة بتتبع السرديات المضللة، وإنتاج مناهج تعليمية تحفز التفكير النقدي بدلاً من التلقي السلبي، وتطوير مبادرات تفاعلية تستهدف الشباب في بيئات الألعاب الرقمية والمحتوى القصير ومنصات الذكاء الاصطناعي.
إقرأ المزيد


