جريدة الإتحاد - 12/15/2025 12:42:36 AM - GMT (+4 )
يحتفل العالم في العاشر من ديسمبر من كل عام باليوم العالمي لحقوق الإنسان، وهو اليوم الذي اعتمدت فيه الجمعية العامة للأمم المتحدة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في عام 1948، وأعلنته بعد عامين يوماً عالمياً لحقوق الإنسان، بهدف تسليط الضوء على «الإعلان العالمي لحقوق الإنسان» الذي يمثل أهمَّ وثيقة حقوقية وثقت للحقوق الإنسانية، وعززت مفهوم الكرامة، وأكدت عدم التمييز، إضافة إلى قيم المساواة والعدالة وسيادة حكم القانون، رغم أن الإعلان ليس وثيقة ملزِمةً قانونياً. وعلى مدى سنوات من العمل الحقوقي العالمي، كان ذلك الإعلانُ مصدرَ إلهام لإعداد أكثر من 60 صكاً من صكوك حقوق الإنسان، تشكل في مجملها المعاييرَ العالميةَ لحقوق الإنسان، وتلقي بظلالها في صياغة الدساتير المحلية والقوانين والسياسات الوطنية لدول العالم.
وفي إطار الاحتفالات هذا العام، أُعلن عن شعار «حقوق الإنسان ركيزة كرامتنا في الحياة اليومية»، كشعار رسمي للحملة، في محاولة للتأكيد على ارتباط قيم حقوق الإنسان بحياة الإنسان اليومية، ولتبرز «أن الحقوق ليست أفكاراً مجردةً، بل أساسيات يعيشها الإنسان يومياً، تشكّل خياراً رابحاً للبشرية»، كما أعلنت الأمم المتحدة. وتأتي الذكرى الخامسة والسبعون لليوم العالمي لحقوق الإنسان، هذا العالم، لتحمل تساؤلاتٍ حول مستقبل المبادئ التي وردت في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، ومصير القيم التي يرتكز عليها، من عالمية حقوق الإنسان، وشموليتها وترابطها، وعدم قابليتها للتجزئة.. في الوقت الذي تجادل فيه كثير من القوى الدولية حول ترسيخ فكرة وطنية حقوق الإنسان، وتكريس فكرة الخصوصية.
كما أصبحت الحروب والنزاعات المسلحة أكثر دموية، وتتالى ظهور الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في النزاعات المسلحة الدامية التي يندى لها جبين الإنسانية، والتي يتم توثيق بعضها وتداوله على وسائل التواصل الاجتماعي من دون أدنى خوف من العقاب. كما تتحدث تقارير المنظمات الحقوقية الحكومية وغير الحكومية عن تراجع كبير في الحريات والحقوق الأساسية في كثير من أنحاء العالم.
وعلى الرغم من أن التقدم الكبير الذي تحقق خلال العقود الماضية نتج عنه عدد لا يحصى من المعاهدات والاتفاقيات الدولية والإقليمية لحقوق الإنسان، لا زالت هذه الحقوق تواجه تحديات كبرى مستمرة وتحديات مستجدة، فالحروب والصراعات المسلحة كانت ولا زالت أكثر البيئات المنتهكة لحقوق الإنسان الأساسية، وعلى رأسها الحق في الحياة، كما يشكل الفقر وعدم المساواة تحديات عظمى للحقوق الاقتصادية والاجتماعية. وإضافة إلى ذلك، فقد نتج عن التطورات المتسارعة في العالم تحدياتٌ بيئيةٌ كالتغير المناخي الذي يشكل تهديداً وجودياً للإنسان في مناطق متفرقة من العالم. كذلك يشهد العالم تطوراً متسارعاً في التكنولوجيا الرقمية، والتي تشكل تحدياً مستجداً للحقوق والحريات لم تتضح معالمه الكاملة بعد.
وحتى لا يتحول الإعلان إلى وثيقة تاريخية (أثرية)، وحتى لا تتحول حقوق الإنسان إلى أجندة سياسية على طاولات الدول الكبرى، يأتي الاحتفال باليوم العالمي لحقوق الإنسان مناسبةً سنوية للتذكير بأهمية احترام حقوق الإنسان كأحد أهم دروس ويلات الحرب العالمية الثانية، ولكي يقف العالم ويتأمل التطور المذهل الذي شهدته البشرية خلال العقود الماضية في معايير وآليات الحماية الدولية ذات الصِلة بحماية حقوق الإنسان، سواء في الآليات التعاقدية أو غير التعاقدية. تحتاج المسيرة الحقوقية اليوم إلى مزيد من التطور، وإلى نقلة نوعية أخرى تتخطى خطابات التنديد والاستنكار إلى الفعل، أي إلى معاقبة منتهكي حقوق الإنسان، وإلى تفعيل الآليات الدولية لمحاكمة منتهكي الجرائم ضد الإنسانية، ومحاسبة مجرمي الحرب، وإعادة التأكيد على النقلة النوعية التي حدثت في المسيرة الحقوقية، وعلى أن حقوق الإنسان شأن عالمي يهم جميع دول العالم.
*كاتبة إماراتية
إقرأ المزيد


