جريدة الإتحاد - 12/19/2025 1:49:37 AM - GMT (+4 )
من البراجيل إلى «كوب 28».. الإمارات تحشد التعاون الدولي لحماية الكوكب
طه حسيب (أبوظبي)
مواجهة التحديات المناخية والظروف البيئية الصعبة، ليست جديدة على الإمارات، فمنذ أربعينيات القرن الماضي، وقبل أن يدرك العالم مصطلحات الاستدامة و«التغير المناخي» أو «الاحتباس الحراري»، نجح المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، في احتواء هذه الظروف بتوسيع أفلاج العين (نظام للري يعتمد على المياه الجوفية ويتغلب على تحديات شُحّ المياه). وقبل 200 عام، استجاب سكان الإمارات للتحدي المناخي، خاصة درجات الحرارة المرتفعة، بابتكار أنماط معمارية، تضم البراجيل (أعمدة لتبريد الهواء في المنازل)، دأب السكان على استخدامها، قبل انتشار أجهزة تكييف الهواء.
العمل المناخي يمثّل الهدف رقم 13 من أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة، هدف يدعو لإجراءات عاجلة للحد من التأثيرات السلبية للتغير المناخي.
وينطلق العمل المناخي من مرتكزات حماية الطبيعة واستدامة الموارد للأجيال المقبلة، مرتكزات راسخة في فكر المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، الذي قال: (.. وكما أجدادنا، كذلك نحن الذين نعيش فوق هذه الأرض المباركة، مسؤولون عن الاهتمام ببيئتنا، وحماية الحياة البرية فيها واجب علينا، إنه واجب الوفاء لأسلافنا وأحفادنا على حد سواء).
وجاءت استضافة الإمارات النسخة الثامنة والعشرين من مؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية للتغير المناخي «كوب 28» (30 نوفمبر إلى 13 ديسمبر 2023)، لتؤكد الرؤية الحكيمة للقيادة الرشيدة التي نجحت خلال فعاليات المؤتمر في تلبية تطلعات العالم، من أجل وضع حلول عملية مشتركة لمواجهة الخطر المناخي. وفي الأول من ديسمبر 2023، وخلال افتتاح القمة العالمية للعمل المناخي، أكد صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، أن الإمارات استثمرت 100 مليار دولار في تمويل العمل المناخي والطاقة المتجددة والنظيفة، وتلتزم باستثمار 130 مليار دولار، خلال السنوات السبع المقبلة. وأعلن سموه تدشين صندوق «ألتيرا» للحلول المناخية برأسمال 30 مليار دولار، ويهدف لجمع واستثمار 250 مليار دولار بحلول عام 2030، وهي خطوة رائدة تلامس تحدي التمويل كعقبة رئيسية أمام العمل المناخي، خاصة أن الأسواق الناشئة والاقتصادات النامية تحتاج إلى 2.4 تريليون دولار سنوياً لمعالجة تغيّر المناخ، ما يعني أن التمويل الميسور محفّز أساسي في التصدي بخطوات عملية للتغير المناخي.
التزام دولة الإمارات بالعمل المناخي ظهر بوضوح خلال كلمة رئيسية ألقاها معالي عبدالله بن طوق المري، وزير الاقتصاد والسياحة، خلال النسخة الثانية من منتدى هيلي، في أبوظبي يومي (8 - 9) سبتمبر الجاري، عندما قال: «إننا نبني اقتصاداً، فيه استراتيجية المناخ عنصر لا يقل أهمية عن التجارة».
صوت الجنوب العالمي
وأكد جواو ليما، مستشار الذكاء الاصطناعي في مجلس الأعيان الفيدرالي البرازيلي، عضو اللجنة المسؤولة عن وضع استراتيجية الذكاء الاصطناعي في المجلس، أن الخطوات العملية التي اتخذتها الإمارات جعلتها رائدة في قيادة العمل المناخي، وتعزيز العدالة المناخية، وهذا ظهر بوضوح خلال رئاستها «كوب 28». وأضاف ليما في تصريح خاص لـ «الاتحاد»، أن الإمارات وضعت معياراً عالمياً جديداً من خلال «إجماع الإمارات»، كأول قرار مناخي يدعو صراحة إلى الانتقال بعيداً عن الوقود الأحفوري، إلى جانب أهداف طموحة تم طرحها في «كوب 28»، كمضاعفة القدرة الإنتاجية للطاقة المتجددة ثلاث مرات، ومضاعفة معدل تحسين كفاءة الطاقة بحلول عام 2030. وأوضح ليما أن الإمارات نجحت في تسريع وتيرة تحقيق العدالة المناخية عبر مبادرات كالمساهمة بـ 100 مليون دولار أميركي في صندوق الخسائر والأضرار، الذي يهدف لحماية المجتمعات الضعيفة، كما أطلقت الإمارات أدوات تمويل جديدة عبر صندوق «ألتيرا»، وحشدت رأسمالاً كبيراً لدعم مبادرات المناخ في دول الجنوب العالمي، بما في ذلك استثمارات في البنى التحتية للطاقة المتجددة في أفريقيا. وأوضح ليما أن الإمارات، ومن خلال تسهيل التعاون بين الشمال والجنوب، ودفع إزالة الكربون من قطاع الطاقة، ودعم أولويات مثل الغذاء المستدام والصحة والقدرة على الصمود، عملت الإمارات بنشاط على تعزيز صوت ورؤية الجنوب في سياسة المناخ العالمية.
جهود مكافحة تغير المناخ
في تصريح خاص لـ «الاتحاد»، يرى أنيل كيشورا، النائب السابق لرئيس «بنك التنمية الجديد»، الذي تديره مجموعة «بريكس»، أنه لتعزيز جهود مكافحة تغير المناخ ينبغي التركيز على إعداد مجموعة من المشاريع القابلة للتنفيذ في دول الجنوب العالمي. وقال كيشورا: «يمكننا النظر في ثلاث مبادرات رئيسية: أولاً، التعاون بين البنوك التنموية متعددة الأطراف والجهات الحكومية والوكالات المعنية، مثل شركة أبوظبي لطاقة المستقبل (مصدر)، أو شركة الطاقة الشمسية في الهند، لبناء مشاريع واسعة النطاق. وثانياً: إدراج الطاقة النووية ضمن الخيارات الأساسية لتلبية احتياجات الطاقة. ومن دون ذلك، يرى كيشورا أن تزايد استهلاك الطاقة الناجم عن التوسع العمراني، وتحسن مستويات المعيشة، والتطورات التقنية مثل الذكاء الاصطناعي، قد تُبدّد الفوائد المرجوة من الطاقة المتجددة. وأخيراً، يدعو كيشورا للاستثمار في شبكات الكهرباء ودعم مبادرات التكامل الإقليمي، مثل سوق الطاقة الكهربائية العربية المشتركة».
تحفيز العمل المناخي
تؤكد «جائزة زايد للاستدامة» -انطلقت عام 2008 تحت اسم «جائزة زايد لطاقة المستقبل»- دور الإمارات محفزاً للاستدامة والعمل المناخي على الصعيد العالمي، خاصة أن الجائزة تتضمن فئة «العمل المناخي»، ونجحت عبر حلول مبتكرة اقترحها الفائزون بفئاتها في تحسين حياة أكثر من 400 مليون شخص حول العالم.
«تحالف القرم»
في 8 نوفمبر 2022، نجحت دبلوماسية الإمارات المناخية في تدشين «تحالف القرم من أجل المناخ» بالشراكة بين الإمارات وإندونيسيا، كمبادرة نوعية لحشد التعاون الدولي في مواجهة التغير المناخي، انطلقت من شرم الشيخ خلال «كوب27»، ترسخ استراتيجية الحلول القائمة على الطبيعة، فغابات القرم قادرة على عزل وامتصاص غازات الدفيئة، وتستطيع تخزين الكربون بنسبة تبلغ 4 أضعاف الغابات الآستوائية.
اهتمام مبكر
ودأبت الدولة على إقرار الاتفاقيات الدولية المرتبطة بمكافحة التغير المناخي والحد من الانبعاثات، حيث صدّقت عام 1989 على اتفاقية فيينا لحماية طبقة الأوزون وبروتوكول مونتريال الخاص بالمواد المسببة لتآكل طبقة الأوزون، علماً بأن الاتفاقية صادرة عام 1985 ودخلت حيز التنفيذ عام 1988. وسجّلت الإمارات حضورها في الاجتماعات التحضيرية التي سبقت التوقيع على اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ في عام 1992. وبعدما دخلت الاتفاقية الإطارية حيز التنفيذ عام 1994، وقّعت عليها الإمارات في 1995، أي بعد عام فقط من تفعيلها، كما صادقت على بروتوكول كيوتو عام 2004، والإمارات أول دولة عربية تصادق على اتفاقية باريس للمناخ الصادرة عام 2015.
نموذج عالمي للطموح المناخي
أكد مصطفى بيومي، زميل باحث في أكاديمية أنور قرقاش الدبلوماسية، أن دولة الإمارات حققت خطوات رائدة في مجال العمل المناخي محلياً، بدءاً من إعلان استراتيجية الحياد المناخي 2050، وصولاً إلى الالتزام بمضاعفة حصة الطاقة المتجددة ثلاث مرات بحلول عام 2030. وأضاف: على الصعيد الدولي، لعبت الدولة دوراً محورياً من خلال استضافتها مؤتمر الأطراف «كوب28» في عام 2023، والذي تُوّج بتحقيق «اتفاق الإمارات».
وإدراكاً منها بأن التحديات البيئية لا يمكن معالجتها بمعزل عن الجهود الدولية، تواصل دولة الإمارات- حسب بيومي- تعزيز شراكاتها العالمية. وفي هذا الإطار، ستستضيف الدولة بالتعاون مع جمهورية السنغال مؤتمر الأمم المتحدة للمياه، خلال الفترة من (2 إلى 4 ديسمبر 2026)، الذي سيضع قضايا المياه والمناخ ضمن جدول أعماله.
كما أولت الإمارات اهتماماً خاصاً للابتكار القائم على الحلول المستدامة، عبر مبادرات رائدة مثل «جائزة زايد للاستدامة»، و«مبادرة محمد بن زايد للماء»، بما يرسّخ مكانتها كنموذج عالمي يجمع بين الطموح المناخي والتنمية المستدامة.
«مصدر».. طاقة المستقبل
ساهمت شركة «مصدر» منذ تدشينها بأبوظبي عام 2006، في إضافة عنصر تقني لدبلوماسية الإمارات المناخية بتعزيز التحول من الطاقة التقليدية إلى المصادر النظيفة والمتجددة، بما يُثري العمل المناخي، عبر تخفيض الانبعاثات وخلق فرص عمل عبر استثمارات خضراء في مشروعات الطاقة المتجددة في العالم، خاصة في الدول الأفريقية والدول الجزرية الصغيرة، حيث تنتشر مشروعات «مصدر» الخارجية في 40 دولة. وتساهم مشروعات «مصدر» في تفادي إطلاق 14 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون سنوياً، كما تدعم «مصدر» جهود إزالة الكربون من قطاعات كثيفة الانبعاثات كالصناعات الثقيلة والطيران والشحن، والتوسع في استخدام الهيدروجين الأخضر.
جهود الإمارات وريادتها في مجال الطاقة المتجددة، جعلت بان كي مون، الأمين العام السابق للأمم المتحدة، يختار معالي الدكتور سلطان الجابر، رئيس مجلس إدارة شركة أبوظبي لطاقة المستقبل «مصدر»، ليكون عضواً بالمجموعة الاستشارية للأمين العام حول الطاقة والتغير المناخي، والتي أصدرت تقريراً كان محور مبادرة «طاقة مستدامة للجميع» التي أطلقتها المجموعة عام 2011.
وفي عام 2012، منحت الأمم المتحدة الدكتور الجابر جائزة «بطل الأرض» لجهوده في دعم تطوير تقنيات الطاقة النظيفة للحد من التهديدات التي يطرحها التغير المناخي.
ركائز مؤسسية للتعامل مع التغير المناخي
من الناحية المؤسسية، استحدثت الإمارات في مايو 2009، وحدة «إدارة تغير المناخ» ضمن هيكل وزارة البيئة والمياه، كما استحدثت «وحدة إدارة التغير المناخي وشؤون الطاقة» في وزارة الخارجية، بما يعكس اهتماماً واضحاً بهذا الملف وسياقاته الإقليمية والعالمية. وفي 2016، تم تغيير مسمى وزارة البيئة والمياه ليصبح «وزارة التغيّر المناخي والبيئة»، واستحدثت منصب «المبعوث الخاص لدولة الإمارات لشؤون التغير المناخي».
هيئة البيئة - أبوظبي، كانت سبّاقة في إطلاق مبادرة أبوظبي العالمية للبيانات البيئية في عام 2002، بالشراكة مع برنامج الأمم المتحدة للبيئة.
خطوات عملية قطعتها الإمارات، لمواكبة المسارات الدولية الواعية والاستباقية، لتعزيز العمل المناخي، وترسيخه في العقل الجمعي للسكان. ففي عام 2007، كانت الإمارات ثالث دولة في العالم توقّع على اتفاقية خفض البصمة الكربونية للفرد والدولة.
ومع انطلاق «جائزة زايد للاستدامة»، أصبحت فئة العمل المناخي رافداً مهماً.
المناخ و«الاستراتيجية الخضراء»
منذ عام 2012، أرست الإمارات ملامح «استراتيجيتها الخضراء»، التي جاءت بعنوان «اقتصاد أخضر لتنمية مستدامة»، وتضمّنت 6 مسارات: الطاقة الخضراء، وتشجيع الاستثمارات في مجال الاقتصاد الأخضر، ومسار المدينة الخضراء المرتكز على تخطيط عمراني يحافظ على البيئة في مواصفات البناء والنقل وجودة الهواء، ومسار التعامل مع تحديات التغير المناخي، خاصة الحد من الانبعاثات، وتشجيع الزراعة العضوية، ومسار الحياة الخضراء، بما يتضمنه من ترشيد استخدام موارد الماء والكهرباء والموارد الطبيعية وإعادة التدوير، ومسار التكنولوجيا والتقنية الخضراء، الذي يركز على تقنيات التقاط وتخزين الكربون، وتحويل النفايات إلى طاقة.
ومن الخطوات الجوهرية في تعزيز العمل المناخي، والتي سبقت الإعلان عن اتفاق باريس للمناخ (2015)، تم إطلاق مبادرة الأداء البيئي، في 24 أبريل 2013، التي تمنح المنشآت الصناعية شهادات بشكل سنوي تُثبت التزامها بالقوانين والنظم البيئية.
استراتيجية الحياد المناخي
وفي 2016، أسّست الدولة مجلس الإمارات للتغير المناخي والبيئة، بهدف تعزيز دور القطاع الخاص في جهود مواجهة التغير المناخ، واستضافت أبوظبي في نهاية يونيو 2019 «اجتماع أبوظبي للمناخ»، بهدف حشد الزخم السياسي للالتزام باتفاقية باريس للمناخ، وشارك في الاجتماع 2000 من صناع القرار والخبراء والمختصين وممثلين عن الشباب، بحضور الأمين العام للأمم المتحدة.
وأطلقت الإمارات مبادرتها الاستراتيجية للحياد المناخي عام 2021، وبعدها دشّنت «المسار الوطني للحياد المناخي» عام 2022، بمضامين تجعلها قاطرة للنمو الاقتصادي.
وقبل أيام من استضافتها «كوب28»، أطلقت حكومة الإمارات «استراتيجية الإمارات للحياد المناخي 2050»، كخطوة رائدة في العمل المناخي، ومن دونها ستبلغ انبعاثات الدولة 210 ملايين طن سنوياً.
التمويل المناخي.. محلياً وعالمياً
في عام 2017، أطلقت الإمارات استراتيجية الطاقة 2050، التي تتضمن استثمار 600 مليار دولار في الطاقة النظيفة على المستوى المحلي حتى عام 2050، وساهمت الإمارات بـ 60 مليار درهم (16.8) مليار دولار، لتمويل مشروعات الطاقة المتجددة بالدول النامية، خاصة بمنطقة الكاريبي والدول الجزرية الصغيرة.
وفي الأول من نوفمبر 2022، كثفت الإمارات عملها المناخي المرتبط بقطاع الطاقة، حيث أبرمت شراكة مع الولايات المتحدة الأميركية، بهدف استثمار 100 مليار دولار أميركي في إنتاج 100 جيجا واط من الطاقة النظيفة بحلول عام 2035، وهي شراكة تؤكد التعاون بين الجانبين لتعزيز أمن الطاقة، ودفع التقدم في العمل المناخي.
التكنولوجيا لكبح التغير المناخي
توظيف التكنولوجيا يضمن الاقتراب من تحقيق العدالة المناخية، عبر تمكين الدول الأكثر تضرراً والأقل مساهمة في الانبعاثات بأدوات جديدة للتخفيف من تداعيات التغير المناخي والتكيف مع تداعياته المتتالية، وقُبيل استضافتها «كوب 28»، رسّخت الإمارات دور التكنولوجيا في كبح التغير المناخي، بل وأيضاً وسيلة لتحقيق العدالة المناخية. فخلال الفترة من 10 إلى 12 مايو 2023، استضافت أبوظبي «ملتقى تكنولوجيا المناخ»، من أجل تفعيل أدوات جديدة كاحتجاز الكربون وإنتاج الهيدروجين، والاستثمار في التقنيات النظيفة، خاصة في الدول النامية، وجميعها مسارات من شأنها كبح الانبعاثات المسبّبة للاحتباس الحراري، وفي الوقت نفسه فتح المجال لفرص جديدة في الطاقة المتجددة.
واتخذت الإمارات خطوات عملية في تخزين الكربون، ففي أغسطس 2022 دشّنت بمدينة مصدر أول مقر إقليمي للمعهد العالمي لاحتجاز الكربون وتخزينه بمدينة «مصدر». ويتخذ تخزين الكربون مساريْن، الأول: التقاط الكربون وتخزينه في باطن الأرض، والثاني: التقاطه وإعادة تدويره في صناعة منتجات أخرى. وفي يوليو 2023، أحرزت شركة بترول أبوظبي الوطنية «أدنوك» إنجازاً بحفرها أول بئر في العالم لاحتجاز وتخزين الكربون في المياه الجوفية المالحة.
تمويل تحولات الطاقة
وفي سبتمبر 2023، كثّفت الإمارات تعاونها مع الدول الأفريقية في مجالات الطاقة المتجددة، من خلال تمويل مشروعات بلغت قيمتها 16 مليار درهم، ما يعادل 4.5 مليار دولار أميركي، بهدف إنتاج الكهرباء لـ 100 مليون إنسان بحلول 2035، وتلك مساهمة تحفّز العمل المناخي في القارة السمراء، التي لا تزال تحصل على 2% فقط من إجمالي الاستثمارات العالمية في الطاقة المتجددة.
ثلاثية الطاقة والذكاء الاصطناعي والمناخ
مع تسارع الاعتماد على تقنيات الذكاء الاصطناعي، يزداد الطلب العالمي على الطاقة، ولمواجهة التحديات المناخية، ينبغي التحول من الطاقة التقليدية إلى النظيفة. هذا الترابط، كان محور مجلس ENACT (تفعيل العمل)، الذي استضافته أبوظبي، يوم 3 نوفمبر2024، تحت شعار (الذكاء الاصطناعي من أجل الطاقة والتنمية المستدامة)، بمشاركة 80 من أهم الشركات العالمية قي مجالات الطاقة والتكنولوجيا، خاصة الذكاء الاصطناعي، من أجل إطلاق أجندة مشتركة تعكس رؤية استشرافية تُعزز الترابط بين الطاقة والذكاء الاصطناعي والمناخ. المجلس انعقد بعد تقرير مشترك أعدته «أدنوك» و«مصدر» و«مايكروسوفت»، وساهم في إصداره 400 خبير في مجالات الطاقة والتكنولوجيا، وهو يطمح لمستقبل محايد مناخياً يلبي الطلب المتزايد على الطاقة لتلبية احتياجات مراكز بيانات الذكاء الاصطناعي.
إطار تشريعي للعمل المناخي
في 30 مايو الماضي، دخل المرسوم بقانون اتحادي رقم 11 لسنة 2024 في شأن الحد من تأثير التغير المناخي حيز التنفيذ، كإطار تشريعي يرتكز عليه العمل المناخي في الإمارات. المرسوم صدر في 30 أغسطس 2024، ويتضمن 5 أهداف واضحة لمواجهة التغير المناخي، بل إنه يتطرق لتعريفات تحدد ماهية التخفيف والتكيف مع التغيرات المناخية، ويفسر الاحتباس الحراري وغازات الدفيئة ومصارف الكربون والحياد المناخي. ويؤكد المرسوم أهدافه الخمسة، وهي: أولاً: إدارة الانبعاثات في الدولة، بما يضمن المساهمة الفعالة في الجهود الدولية الرامية إلى الحد من تداعيات التغيّر المناخي والوصول إلى الحياد المناخي. ثانياً: تعزيز قدرة النظم البيئية والقطاعات الاقتصادية والمجتمع على التكيّف مع الآثار المترتبة على التغيّر المناخي.
ثالثاً: دعم الابتكار والبحث والتطوير، واستخدام التكنولوجيا الحديثة، وبناء القدرات، وتعزيز مساهمة القطاع الخاص، والاستفادة من آليات التعاون الدولية لدعم جهود التخفيف والتكيّف في الدولة.
رابعاً: مشاركة البيانات المرتبطة بالانبعاثات وتأثيرات تغيّر المناخ على المستوى الوطني، ودعم التعاون الإقليمي والدولي في مجال المعرفة والبيانات المتعلقة بالتغيّر المناخي.
خامساً: مواءمة الخطط والاستراتيجيات الوطنية والمحلية المعنية بالتخفيف والتكيّف، وتعزيز مكانة الدولة في مؤشرات التنافسية العالمية، ودعم جهود التنمية المستدامة والاقتصاد الأخضر والاقتصاد الدائري وخطط التنوع الاقتصادي في الدولة.
الدبلوماسية المناخية
لا يوجد تعريف عالمي محدد لدبلوماسية المناخ، لكنها تتضمن جميع الأنشطة التفاوضية المتعلقة بمواجهة التغير المناخي، بما في ذلك التعاون بين الدول وأصحاب المصلحة لتقليل تداعيات التغير المناخي والتكيف معها، وبذلك أصبح هذا الخطر العالمي ضمن أولويات السياسة الدولية، وبنداً مهماً على أجندة السياسة الخارجية للدول. وحددت مفوضية الاتحاد الأوروبي 4 فروع من دبلوماسية المناخ: الالتزام بالتعددية في سياسة المناخ، خاصة على ضوء اتفاقية باريس، ومعالجة آثار التغير المناخي على السلام والأمن الدوليين، وتسريع العمل على الصعيد المحلي وزيادة الطموح العالمي، وتعزيز التعاون الدولي من خلال التوعية.
دبلوماسية «كوب 28»
أكدت عائشة الرميثي، مدير إدارة البحوث والدراسات في مركز «تريندز»، أن استضافة دولة الإمارات لمؤتمر «كوب 28» مثلت قمة التطور في دبلوماسيتها المناخية، حيث إن «اتفاق الإمارات» التاريخي، الصادر عن «القمة» شكّل نقطة تحول في العمل المناخي الدولي، فيما يتصل بالانتقال بعيداً عن الوقود الأحفوري، وتفعيل الصندوق العالمي للمناخ، الذي عقد أول اجتماع له في أبوظبي في 28 أبريل 2024، وتوفير تمويلات للمجتمعات الأكثر تضرراً، وإطلاق «مجموعة أصدقاء العمل المناخي المرتكز على الثقافة» بالتحالف مع البرازيل. وأشارت الرميثي إلى أنه في مجموعة العشرين بجنوب أفريقيا (23 و24 نوفمبر 2025)، ركزت الإمارات على التعاون الدولي في مجال المناخ والذكاء الاصطناعي، خاصة مبادرة بقيمة مليار دولار لدعم الذكاء الاصطناعي في أفريقيا.
..يتبع
إقرأ المزيد






