خراريف إماراتية في «أيام العربية»
‎جريدة الإتحاد -
[unable to retrieve full-text content]

في كل دورة من مهرجان «أيام العربية» أخرج بانطباع مختلف، لكن القاسم المشترك يبقى دائماً تلك القدرة الاستثنائية للغة العربية على الجمع بين الذاكرة والخيال، وبين التراث والأسئلة الجديدة. في منارة السعديات بأبوظبي، اختُتمت مؤخراً فعاليات الدورة الثالثة من المهرجان بعد ثلاثة أيام حافلة أكدت أن العربية ليست لغة ماضٍ فقط، بل لغة حياة واستمرارية ثقافية. 
تحت شعار «جونا عربي»، بدا المشهد أكثر حيوية واتساعاً، حيث تفاعل جمهور متنوع مع برنامج جمع الموسيقى والسينما والذكاء الاصطناعي والتصميم والفنون الحية والسرد القصصي. وكان دعوة مفتوحة لاكتشاف الإبداع العربي المعاصر، وربط الأنماط الكلاسيكية بالممارسات الإبداعية الراهنة، في تأكيد واضح على قدرة اللغة على تشكيل المشهدين الفني والثقافي. 
في القاعة الرئيسة، انشغلت النقاشات بمستقبل الإبداع العربي عبر الأفلام والموسيقى والفنون، بينما جاءت الأمسية الختامية بجلسة «أصوات وجماليات: العربية مصدراً للإلهام»، بالتعاون مع مجموعة أبوظبي للموسيقى والفنون، لتضيء على دور اللغة العربية في تشكيل المقطوعات الموسيقية، والهوية الإبداعية، والإحساس الفني، في تجربة عكست عمق العلاقة بين اللغة والصوت. 
السرد القصصي ظل الأقرب إلى القلب في «الحكايات حول موقدة النار». في الحديقة، أعادت جلسة «الخراريف الإماراتية» تخيّل الحكايات الشعبية العربية بروح معاصرة، وكأنها تهمس للأجيال الجديدة بأن الحكاية لا تشيخ. أما جلسة «الخيل العربي: إرث حي»، فذكّرت برمزية الخيل في الشعر والأدب والثقافة البصرية، بوصفه صورة متجددة للهوية والذاكرة.
ومن بين المحطات اللافتة، جاء العرض الفني الحي «طابع الحضارة» ليجمع الرسم والسرد القصصي وتصميم الصوت، مجسداً مسار تطور الإبداع العربي. وفي موازاة ذلك، بدا الاهتمام بالتطوير المهني جزءاً أصيلاً من المهرجان، عبر مؤتمر «الذكاء الاصطناعي وتعليم اللغة العربية»، والبرنامج التدريبي للسرد القصصي، الذي زوّد صناع المحتوى الصاعدين بمهارات الكتابة والتصوير والنشر الرقمي.
وكان للموسيقى حضورها الخاص، حيث منحت الأمسيات الغنائية اللغة العربية مساحة أوسع للتعبير العاطفي. وفي المساحات المخصصة للشباب والعائلات، كان التفاعل لافتاً مع ورش العمل المتنوعة، وتجارب ألعاب الطاولة والإيقاعات العربية.
ربما تختصر كلمات الدكتور علي بن تميم، رئيس مركز أبوظبي للغة العربية، جوهر التجربة حين قال: «قدم برنامج المهرجان اللغة العربية بوصفها وطناً للمعنى، ومسرحاً للجمال، ورؤيةً للمستقبل». وهي خلاصة «أيام العربية»، حيث يلتقي التراث بالابتكار، ويجد كل جيل صوته ومكانه في اللغة.



إقرأ المزيد