جريدة الإتحاد - 12/21/2025 2:01:17 AM - GMT (+4 )
فاطمة عطفة
كرّمت ندوة الثقافة والعلوم، الشيخة الدكتورة شما بنت محمد بن خالد آل نهيان، بعد اختيارها الشخصية الثقافية لجائزة العويس للإبداع في دورتها الـ29، ويأتي هذا التكريم، حسب تصريح علي عبيد الهاملي، نائب رئيس مجلس إدارة «الندوة»، رئيس اللجنة الإعلامية، «احتفاءً بشخصية ثقافية استثنائية تحمل إرثاً راسخاً من الفكر والعطاء، وتواصل حضورها المؤثر في مسيرة المعرفة الإماراتية والعربية، ورسّخت عبر مبادراتها وإسهاماتها الثقافية، نموذجاً مشرقاً للريادة الفكرية، والعمل المجتمعي، ودعم التعليم، والكتاب، والقراءة، والثقافة بفضاءاتها المختلفة. وذلك من خلال ترؤسها إدارة مؤسسات الشيخ محمد بن خالد آل نهيان الثقافية والتعليمية، ومن خلال شراكات فاعلة عبر المؤسسات الثقافية والإنسانية الأخرى داخل وخارج دولة الإمارات العربية المتحدة». وفي حديثها لـ«الاتحاد»، تضيء الشيخة الدكتورة شما بنت محمد بن خالد آل نهيان، على التكريم ودلالته، قائلة في البداية: «أهدي لروح أبويه محمد بن خالد جائزة شخصية العام الثقافية».
وتضيف الشيخة الدكتورة شما بنت محمد: «سعدت كثيراً بهذا التكريم الذي أرى فيه أنه ليس مجرد تكريم عابر، فكون الجائزة تحمل اسم قامة شعرية واقتصادية إماراتية كبيرة، فإنها تلقي على عاتقي مسؤولية مضاعفة للاستمرار في الإنتاج الفكري والمزيد من العمل من أجل تعزيز العمل المجتمعي والتنمية الفكرية للمجتمع الإماراتي، وهذا التقدير ليس تقديراً لشخصي فقط، بل هو تقدير لكل امرأة إماراتية اختارت طريق المعرفة من أجل دعم رؤية قيادتنا الرشيدة للمستقبل الثقافي والمعرفي للهوية الإماراتية، وسط هذا الزخم من الهويات والثقافات المتعايشة على أرض التسامح، أرضنا الغالية، دولة الإمارات العربية المتحدة، كما أن هذا التكريم يعني أن الرسالة التي أحملها في الربط بين الأمن المجتمعي، وبناء الإنسان ودعم التكوين الثقافي والمعرفة من أجل تعزيز الهوية الثقافية الإماراتية، قد وجدت صداها والتقدير، الذي يدفعني نحو المزيد من العمل والإنتاج الفكري والثقافي، ودعم تكوين أجيال جديدة لديها من الوعي والعقل المنفتح على العالم والقادر على التفكير النقدي، وأؤكد أن الثقافة ليست مجرد نشاط إضافي، بل بنية تحتية فكرية تحمل مسؤولية تستطيع أن تحرك المجتمع نحو الأفضل. ولا يمكن أن تمر تلك اللحظة الفارقة في مسيرتي الفكرية دون أن أهديها لصاحب الفضل، فيما وصلت له الآن، والدي المغفور له، بإذن الله، الشيخ محمد بن خالد آل نهيان، الذي كان صاحب الكتاب الأول في حياتي حين أهداني إياه وهو لم يكن مجرد كتاب، بل كان باباً واسعاً فتحه لي على فضاء الفكر والمعرفة والإبداع».
انحياز للمبدعين
تصادف هذه النسخة من «جائزة العويس للإبداع» هذا العام الذكرى المئوية الأولى للشاعر سلطان العويس، وتستعيد الشيخة الدكتورة شما بنت محمد ذكرى الشاعر الراحل وسيرته الإبداعية، قائلة: «المغفور له، بإذن الله، سلطان العويس كان ظاهرة استثنائية تجسّد التاجر المثقف، الذي يترك أثراً فاعلاً وعابراً للزمن، لقد كان صوتاً شعرياً رفيعاً، وقدم نموذجاً أن الشاعر صاحب القصيدة لا يقرأها ثم تنتهي، بل يمكن أن تكون مشروعاً مؤسسياً ينحاز للمبدعين، وتدعم دورهم في التنمية الفكرية والمعرفية بأبهى صورها، وما أستحضره دائماً من سيرته هو الاستدامة في العطاء. لقد أدرك أن الثقافة تحتاج إلى رافد اقتصادي مستقل لتزدهر، فحوّل جزءاً من ثروته إلى وقف يخدم الفكر والأدب، وهو نموذج رائد لما نسميه اليوم بالاستثمار المجتمعي أو القطاع الثالث الفعال. لقد كان صوتاً شعرياً صادقاً عذباً، ومنحازاً للجمال والإنسان. نتذكره كشخصية استطاعت أن تحقق التوازن ما بين الحس الإبداعي والجمالي والفكر الاقتصادي في إطار من المسؤولية المجتمعية».
أثر الجوائز
وتنتقل الشيخة الدكتورة شما بنت محمد للحديث عن أهمية الجوائز ودورها في دعم الفكر والثقافة والإبداع، فتقول: الجوائز الثقافية والفكرية مثل «جائزة الشيخ زايد للكتاب» و«جائزة العويس»، وكذلك «جائزة الرواية العربية.. البوكر» التي ترعاها دولة الإمارات العربية المتحدة، هذه الجوائز وغيرها أصبحت عنصراً أساسياً من عناصر القوة الناعمة لدولة الإمارات العربية المتحدة، مما جعل الإمارات حاضنة إقليمية وعالمية للإبداع والفكر والثقافة، وتؤكد على أن الإمارات ليست دولة ذات اقتصاد قائم على النفط والتجارة فقط، بل هي تساهم في تعزيز اقتصاد المعني والمعرفة بقوة ليكون عنصراً فاعلاً في بناء المجتمعات المعرفية، وتصدر الفكر والمعرفة الإنسانية إلى جانب تصديرها للنفط والصناعات الأخرى، كما تساهم تلك الجوائز بدعم الحراك الثقافي ليس فقط على مستوى المجتمع الإماراتي، بل على مستوى المحيط الإقليمي وحتى العالمي أيضاً، فالمبدع والمفكر حين يجد التقدير على فكره وإنتاجه الإبداعي فان ذلك يمثل دافعاً كبيراً له للتطور والمزيد من العمل الإبداعي وإثراء الفكر الإنساني.
استمرارية العطاء
في نهاية حديثها، تتناول الشيخة الدكتورة شما بنت محمد الخطط والأفكار المستقبلية بعد التكريم المستحق، حيث تقول: «العمل الفكري والإبداعي لا يتوقف عند جائزة أو تكريم، بل إن التكريم دائماً هو دافع للمزيد من العمل والبحث في فضاءات معرفية جديدة تعزز من الزخم الثقافي في المجتمع الإماراتي، ولذلك تتركز مشاريعي القادمة على الإنتاج الفكري والإبداعي في سلسلة مقالات تتماهى مع عام الأسرة، وتدور حول العلاقة بين الأمن المجتمعي انطلاقاً من التماسك الأسري، والزخم الذي ستحصل عليه الأسرة الإماراتية بعد توجيه صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، بحكمة سموه المعهودة، أن يكون عام 2026 عاماً للأسرة. كما أسعى أيضاً لمشاريع تعزز من تطوير دور القطاع الثالث، من خلال مؤسسات الشيخ محمد بن خالد آل نهيان الثقافية والتعليمية، لتعزيز رؤيتي، كونه القطاع صفر الداعم للقطاعين الأول والثاني، والانتقال به من مرحلة الرعاية إلى مرحلة التمكين والاستباقية في دعم الأمن في المجتمع، وتعزيز رؤية القيادة لمستقبل دولة الإمارات العربية المتحدة. هذا كله إلى جانب تعزيز النشاط الإنساني الرئيسي، والذي أعتبره القاعدة الأساسية لأي انطلاقة فكرية وثقافية ومجتمعية، وهو القراءة».
إقرأ المزيد


