جريدة الإتحاد - 1/20/2025 11:20:16 PM - GMT (+4 )
يبدو أن الرياح جاءت على عكس ما يشتهي سيد البيت الأبيض الرئيس دونالد ترامب من جهة، وعند توقعاته من جهة ثانية. فحرائق لوس أنجلوس في ولاية كاليفورنيا حتماً ستلقي بظلالها على خططه الداخلية، وربما تجبره على إعادة ترتيب أولوياته، خاصة أن الخسائر الناجمة عن الحرائق صُنفت كواحدة من أسوأ الكوارث في التاريخ الأميركي حسب صحيفة «واشنطن بوست»، والأكثر كلفة بحيث تتجاوز 250 مليار دولار حسب واشنطن بوست، إلى جانب الحديث الذي يدور حول إمكانية إفلاس شركات التأمين الأميركية التي ستعجز عن الوفاء بالتزاماتها تجاه المؤمّنين على ممتلكاتهم التي التهمتها النيران.
إن كارثة لوس أنجلوس دفعت حاكم كاليفورنيا إلى الدعوة لإطلاق «خطة مارشال» الأميركية التي استخدمت لإعادة إعمار ألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية. غير أن الرئيس ترامب شن هجوماً على حاكم الولاية وجو بايدن عبر منصته «تروث سوشيال»، فكتب (الحرائق لا تزال مشتعلة، والسياسيون غير الأكفاء ليست لديهم أي فكرة عن سبل إخمادها، هذا هو الإرث الذي يتركه لي بايدن)، فردّ الرئيس المنتهية ولايته عبر خطابه الوداعي، مشيراً إلى موقف ترامب السلبي تجاه قضية التغيرات المناخية والاحتباس الحراري واستهانته بها: (إنّ هناك قوى كبيرة تهدّد التقدّم الذي تمّ إحرازه في مكافحة التغيّر المناخ، وهو تهديد وجودي لم يكن في أي وقت مضى أكثر وضوحاً).
وانتقادات بايدن تلك صحيحة إلى حد بعيد، وقد تدفع الحرائق ترامب لتصحيح موقفه وإعطاء مساحة أكبر من أجل العمل على مواجهة القضايا البيئية والتعاون مع الجهود الدولية الخاصة بهذا الشأن، لا سيما وأن معالجة ذلك الملف – ملف البيئة - تحتاج إلى أموال طائلة، والوقت يداهم العالم، وعلى القادة والزعماء التحرك فوراً ودون إبطاء.
إن الرئيس ترامب، الذي مارس مهام عمله حتى قبل دخوله البيت الأبيض رسمياً، سارع إلى تشكيل فريق عمله، وتحدث بوضوح عن خططه وأهدافه، وقد بدا صريحاً في إصراره على رفع شعار أميركا أولاً. وعليه، وحسب تقرير أسوشيتد برس؛ فقد جهز لإصدار أكثر من 100 أمر تنفيذي في اليوم الأول له في البيت الأبيض تشمل جملة من القضايا تتنوع ما بين تعزيز الأمن على الحدود، إلى تسريع عمليات ترحيل اللاجئين، إلى جانب عدد من الأولويات السياسية الأخرى التي تأتي تأكيداً للوعود التي أطلقها خلال حملته الانتخابية. لكن، وكما يرى الخبراء، فإن تلك القرارات التنفيذية غير مسبوقة في العصر الحديث من جهة استخدام الرئيس ترامب آليات جديدة دون الاعتماد على الأدوات التشريعية للكونغرس، وبعضها كان مهماً للغاية. والحديث هنا عن وقف القتال في غزة.
في المقابل، وبينما لم يتمكن الرئيس المنتهية ولايته جو بايدن من وقف الحرب في قطاع غزة، نجح ترامب وفريقه، وتم الإعلان عن هدنة دخلت حيز التنفيذ قبل ساعات من بداية فترة حكم الرئيس الجديد، أجبرت كلاً من إسرائيل ممثلة بحكومة نتنياهو، وغزة ممثلة بحماس على قبول وقف القتال الذي راح ضحيته منذ 7 أكتوبر 2023، حوالي 1210 أشخاص على الجانب الإسرائيلي، وما لا يقل عن 46899 فلسطينياً، معظمهم من المدنيين.
والآن، ينتظر الجميع ويترقبون بحذر مدى الالتزام ببنود الاتفاق، ومن ثم النظر، وبوجه عاجل، إلى ما تحتاجه غزة لإعمارها والتي تحتاج حسب تقديرات الأمم المتحدة ما لا يقل عن 80 مليار دولار، و350 عاماً لتعود إلى ما كانت عليه قبل 7 أكتوبر2023.
تنطفئ النيران، ومع أن الجراح كبيرة وغائرة ومؤلمة، لكن لا بد من إعادة الحياة للأرض المحروقة. ثمة أحياء ينتظرون!
إقرأ المزيد