جريدة الإتحاد - 7/2/2025 12:21:17 AM - GMT (+4 )

عندما يحتدم النقاش مع آخرين، لا أتشابه معهم في منظورنا للحياة، دائماً ما أحتكم للحظة الراهنة لقياس درجة السلام المتحقق كمعيار واقعي لقياس الجودة الحياتية، فيُحيلون الأمر للظروف المتباينة لكل شخص، وأن ظروفي المريحة دفعتني إلى ما أنا عليه وليست قراراتي. ولذا وجدت نفسي أفكر في هذا الطرح وأتساءل: هل لحظتي الآن نتيجة لقراراتي؟ أم أن الأيام وظروفي المريحة جرفتني إلى طرق لم أخطط لها، لكنها راقت لي، فأقنعتُ نفسي بأنها خياري منذ البداية؟
وهكذا «قررت» أن أسترجع الجذور الأولى لقراراتي، لأتأكد مع نفسي (هل خرجت مني حقاً)؟ أم أنني استجبت فقط لما بدا مريحاً أو متاحاً، أو حتى متوقعاً مني؟ لا يبدو الأمر سهلاً كما في كتابته، أساساً حتى موضوع استرجاع ذكريات الجذور الأولى انتقائي جداً، ويحتاج مصداقية مع الذات لا يمكن تحقُّقُها بسهولة، ولذا سأكتفي بالمحاولة، وهو شعار أنصح به دوماً، «يكفيك شرف أن تحاول».
بدايةً، أستطيع أن أجزم - بعد تأمل - أنه تقريباً كانت العقود الثلاثة الأخيرة من حياتي نتاج قراراتي، صحيح أن كثيراً مما هو حولي ظروف وجِدت نفسي فيها، وكلنا كذلك، لكني اخترت كيف أتعامل معها، وكيف أعيشها، فنحن نقرر أن نتكيّف، نقرر أن نكتم، نقرر أن نؤجل، وحتى نقرر ألا نُقرر ونترك للآخرين أن يقرروا عنا!
في مسيرتي المهنية - مثلاً - تكيفت مع ما أُجبرت عليه، لم أكن مسلوبة الإرادة، فقد كان قراري واضحاً لنفسي بأن الأمر مؤقت، وأنني أعي تماماً متى أترك بعد تمكُّني منه، فقط لأقول لهم: «أستطيع.. ولكني لا أريد». كانوا يرون أن امتلاكي لتلك القدرة يلزمني الاستمرار فيما يريدون، بينما كنت أرى في تلك القدرة والتمكُن امتيازاً للانسحاب بشرف. ولعلّ هذا واحد من أصعب القرارات التي يمكن أن نتخذها في حياتنا، عندما نغادر ما يجيد الآخرون تمجيده فينا.
ما نعيشه اللحظة هو امتداد لما قررناه سابقاً، وهذه الحقيقة - رغم وطأتها أحياناً - تذكرنا بأن لنا دوماً حق القرار من جديد، إذا ما أصبح هذا الواقع لا يليق بنا أو باللحظة التي ننشدها.
إقرأ المزيد