كارثة.. سقوط.. حرب.. موت
‎جريدة الإتحاد -
[unable to retrieve full-text content]

هذه الرباعية هي شعار المنجمين والمنجمات، يقدمون فيها الهلاك على الحب في الحياة، لذا نتشاءم حين نرى أولئك المتنبئين يظهرون لنا فجأة معلنين شرورهم وتوقعاتهم ومصائب يقولون إنها ستظهر هنا أو هناك، كارثة طبيعية، سقوط طائرة، موت زعيم، إعلان حرب، لماذا تبدو وجوههم مدخنة، وفيها من تربة المقابر؟! يظهرون عادة قبل أن تنسلخ أيام السنة، وهم كثر من نساء ورجال، ومن مختلف أرجاء الدنيا، متبعين وسائل النشر والإشهار الجديدة، خاصة الإلكترونية، وبعضهم يتواصل معك شخصياً عبر هاتفك النقال لتلاقيه في الجناح الفندقي الذي يستقر فيه إن كنت ممن يسعون لمعرفة حظهم في العام الجديد، وكأن الحظوظ توزع مع نهاية كل عام، لتبدأ في تمكين أصحابها من نيل مستحقاتهم من ضروب الحظ مع أيام العام الجديد، والقادم يبشرهم ضاحكاً بالخير والرزق والحب والمال والزواج، كما يشيع المتنبئون وقراء البخت والفأل، الذين يصرون على أن يظهروا بشعورهم المنكوشة الشائبة، وخلف كل واحد منهم جدار من مجلدات الكتب لكسب مزيد من ثقة الناس، أو يحمل بلورة كريستالية، أو يظهر بنظارته العتيقة تلك التي تشبه نظارات الفلكيين القدامى، أما النساء المتنبئات، أخوات سجاح وزرقاء اليمامة، فإنهن يظهرن شبيهات بالساحرات في الحكايا الأسطورية بالمشغولات الفضية والأحجار الكريمة، وبعضهن اليوم لا يعترفن بصورة الكاهنة القديمة، فتجدهن في أعمار الخمسين متبرجات بصورة غير مقبولة، خاليات من أي صفة للغواية.
سوق قراء الحظ لا يقتصر على نهاية العام، وإنْ كان ينشط في أيامه الأخيرة، وإنما تجدهم يخترعون من المناسبات ما يكفيهم للعمل طوال أيام السنة، فمن سنة ترابية وأخرى نارية وأخرى مائية إلى أبراج السنة الصينية وعيد النيروز، وكله رجم بمجريات الغيب، والحديث في أمور عامة تحدث للغالبية من البشر دون تخصيص، وإن كانت بعض الأمور تتوافق مع التنبؤات، معتمدة على قراءة في الأمور ومجرياتها الطبيعية، فإن قالوا بوفاة زعيم عربي، أو فنان مشهور، فإنها طبيعة الحياة وأعمار الناس، وإن قالوا عن زلزال أو فيضان أو كوارث طبيعية فهذه غالباً ما تحدث في الكون.
لكن هل كل ما يتنبأ به المنجمون يحدث؟ أعتقد أنهم يركّبون الكلام العام الذي لا على التعيين على الخاص المعين بعد حدوث الأمر، وهذا ما يحدث مع الغالبية المتخذة الأمر هواية واستغلالاً ومصدر استرزاق، وبعضهم من يطعّم الحدس والموهبة الربانية بشيء من علم الفلك والحساب وتوسيع المعارف ومتابعة دقيقة لأمور في الحياة، وهؤلاء كثيراً ما يصيب تنجيمهم، كوفاة ديانا المفاجئ أو مايكل جاكسون أو محاولة اغتيال الرئيس الأميركي، وغيرها من الأمور غير المتوقعة، والتي لم تكن تخطر على بال الناس العاديين.
اليوم قليل من لا يتخذ من هؤلاء المنجمين سبيلاً لمعرفة ما تخبئه الأيام، سواء أكانوا زعماء أو سياسيين أو رجال أعمال أو نساء متمكنات أو ساذجات، ذلك فضول معرفة المجهول، السؤال: هل المنجمون هم قتلة من نوع آخر لأنهم يتمنون صدق تنبؤاتهم، والتي جلها كارثية أو إعلان موت مؤجل؟ غالبيتهم، في الحقيقة، كذلك، لأن أسهمهم في بورصة التنجيم بعد التوقع الصائب ستكون مرتفعة، ويحظون بشهرة عالمية!



إقرأ المزيد