إجراءات غربية لإنهاء حرب إسرائيل!
‎جريدة الإتحاد -
[unable to retrieve full-text content]

لقد وصلنا إلى نقطة تحوّل في طريقة تفاعل القادة السياسيين في الغرب مع العمل العسكري الذي تشنه إسرائيل على الفلسطينيين في غزة. وهذا الأمر يثير الغضب لسببين: الأول أنه استغرق كل هذا الوقت حتى يصدر رد رسمي من العواصم الغربية، والثاني أنه، وبمجرد أن اتّضحت فداحة المأساة، كانت ردود الفعل الغربية غير فعالة على الإطلاق.

إن الكابوس في غزة مستمر منذ 22 شهراً، وخلال هذه الفترة كلها ظلّ استخدام إسرائيل الوحشي للعنف ومعاقبتها للفلسطينيين الأبرياء بلا هوادة. ومنذ البداية، اتضحت نية إسرائيل في ارتكاب إبادة جماعية عندما هدمت مستشفيات وجامعات وأحياء بأكملها باستخدام قنابل زنتها 2000 رطل، وأجبرت مئات الآلاف على الفرار من أحيائهم ومنازلهم، وأمرت بقطع الكهرباء والماء ومنعت دخول الغذاء والإمدادات الطبية.كان كل ذلك معروفاً في عام 2023، لكن لم يتم اتخاذ أي إجراءات.

في ذلك الوقت، عندما دعونا إلى وقف إطلاق النار، قال لي وزير الخارجية الأميركي إن وقف إطلاق النار سيكون أمراً «مؤسفاً» وإن الولايات المتحدة لن تدعم مثلَ هذه الخطوة. وفي منتصف عام 2024، عندما صوّت مجلس الأمن الدولي مرتين على قرار بوقف إطلاق النار، كانت الولايات المتحدة الوحيدة التي عارضت ذلك. أما المحاولة الثالثة، التي قدّمتها الولايات المتحدة، فتم إقرارها، لكنها لم تُنفَّذ أبداً. كانت هذه الخطوة برمتها مجرد دعاية للعلاقات العامة. والخلاصة أن العالم كان يعلم أن هذه الحرب على شعب غزة يجب أن تنتهي، ومع ذلك، وباستثناء التصويت على قرارات عقيمة في الأمم المتحدة، لم يفعل العالم شيئاً.. فما الذي تغيّر الآن؟

إن صور الدمار وشهادات الشهود التي كانت مألوفة لمن يتابعون الأخبار على وسائل التواصل الاجتماعي، باتت الآن تُعرض في وسائل الإعلام الرئيسية. ونتيجة لذلك، أصبح من الصعب على صنّاع الدعاية الإسرائيلية إقناعَ الجمهور بأن حجم الدمار مبالغ فيه أو أن قصص المعاناة الإنسانية مختلقة. في معظم الدول الأوروبية، انخفضت نسبة المؤيدين لأفعال إسرائيل في غزة إلى أقل من الثلث.

وعلى الرغم من جهود الدعاية الإسرائيلية، فإن سبب هذا الانخفاض الحاد في دعم إسرائيل ليس الوجود الكبير للمهاجرين المسلمين في أوروبا الغربية. ما تغيّر هو أن الجماهير الأوروبية والأميركية أصبحت الآن تعرف ما تفعله إسرائيل في غزة، وتشعر بالرعب إزاء ذلك. وهم يرفضون الأعذارَ الواهية التي يقدّمها قادتهم، الذين كانوا يأملون ألا يضطروا لفعل أكثر من تصويت عرضي في الأمم المتحدة أو إطلاق تعبيرات عن القلق أو إدانات ضعيفة لبعض الأفعال الإسرائيلية «المعزولة». ومع تزايد الضغوط، مع صور الأطفال الفلسطينيين الجائعين والصور الجوية للدمار الشامل التي تتصدّر تغطيةَ الحرب على غزة، يكافح القادة الغربيون لإيجاد طريقة للرد. والأمر المقلق هو أن دوافعهم تبدو أقرب إلى الرغبة في الظهور وكأنهم يتصرفون أكثر من الرغبة في إحداث تغيير فعلي. وعلى سبيل المثال، فالتهديد البريطاني بالاعتراف بدولة فلسطينية، ما لم توافق إسرائيل على وقف إطلاق النار، ليس سوى بادرة شكلية. والتهديد الألماني بمراجعة العلاقات الثقافية والتجارية لا يقل صورية. أما الاستمرار في إطلاق الدعوات لـ «استئناف المفاوضات المؤدية إلى حل الدولتين»، فيما يعلم الجميع أن إسرائيل لا تهتم بهذا الحل ولا تشعر بأي ضغط لقبوله، فهو استعراض غربي محدود الجدوى.

وحتى إذا اعترفت الأمم المتحدة كلها (باستثناء الولايات المتحدة، بالطبع) بدولة فلسطينية، فلن يتغيّر شيء على الأرض، سوى ربما إثارة غضب الإسرائيليين ودفعهم لاتخاذ إجراءات أكثر قسوة في قطاع غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية. في هذه المرحلة، ما هو مطلوب لإنهاء الإبادة الجماعية، وإنقاذ الأرواح، واستعادة احترام القانون الدولي، وإعادة قدر من العقلانية إلى المنطقة، هو أن تتخذ الدول الغربية خطواتٍ ملموسةً لمعاقبة إسرائيل ولإجبارها على تغيير سياساتها.

ويجب أن تشمل هذه الخطوات: إنهاء الاعتداء على غزة، ووقف إطلاق النار، وانسحاب القوات الإسرائيلية، والسماح بدخول قوات حفظ سلام دولية ومساعدات إنسانية، وبدء جهود إعادة الإعمار. وفي حين أن الخطوات المذكورة أعلاه تتماشى مع خطة السلام العربية، فإن مجموعة من 30 دولة اجتمعت في كولومبيا وذهبت إلى أبعد من ذلك، حيث أيدت حزمة شاملة من المقترحات تهدف إلى إنهاء «عصر الإفلات من العقاب.. وتطبيق القانون الدولي»، وقد وافق 13 من المشاركين على اتخاذ تدابير تحظر نقل الأسلحة وأشكال الدعم الأخرى لإسرائيل. وأطلقت المجموعة على نفسها اسم «مجموعة لاهاي»، وتعهدت باتخاذ إجراءات ملموسة «لضمان العدالة لضحايا الجرائم المرتكبة في الأرض الفلسطينية المحتلة».

*رئيس المعهد العربي الأميركي



إقرأ المزيد