عيد الاتحاد.. عهد وفاء وولاء
‎جريدة الإتحاد -
[unable to retrieve full-text content]

 نستحضر في هذه المناسبة المباركة مسيرةَ اتحاد الإمارات الذي تأسس في الثاني من ديسمبر عام 1971، ليمثّلَ مرحلةً جديدةً مِن الترابط والانسجام وروح الاتحاد، في ظل نهج التنمية والتقدم. نحن الآن في الذكرى الرابعة والخمسين، ننظر إلى صورة الإمارات وقد كبُرت بحجمها الاقتصادي والجيوسياسي، وكذلك بحجمها في مجالات السياحة والتنمية والقوة الناعمة والاستثمارات المحلية والخارجية، علاوة على المجالات التكنولوجية في جوانبها الرقمية وما يتصل منها بالذكاء الاصطناعي.
 لقد جاء قيام الاتحاد تتويجاً لجهود مباركة بذلها الآباءُ المؤسسون، وفي مقدمتهم المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه، وإخوانه حكام الإمارات، الذين اجتمعوا على كلمة واحدة ورؤية مشتركة تتطلع إلى بناء دولة عصرية قادرة على مواجهة تحديات المستقبل. وشكّل إعلانُ الاتحاد نقطةَ تحوّل تاريخية في المنطقة، ورسّخ نموذجاً فريداً في التعاون والتكامل.
وقد كبُرت الإمارات في إدراكها وتعمّقت في معارفها، لتعزز صداقاتها مع دول الجوار الإقليمي والدولي، ولتنمية دبلوماسيتها المتعددة، ونجاحاتها في الوساطة، وللمشاركة في الحلول السلمية للنزاعات بين الدول. وبتفاعلها الإيجابي دائماً مع قضايا الإنسانية، كبُرت الإمارات في عيون دول العالم جميعاً، شرقه وغربه.
 وكل ذلك يحفّزنا على أن نذكر، بفخر واعتزاز، أن صورة الإمارات تتجلى عالمياً في الأعالي، خاصةً في مجال المساعدات الإنسانية على الصعيد الدولي، حيث مثلَّت مساهمتُها في هذا المجال أضخم حجم وأكبر نسبة تقدمها دولة في العالم، لاسيما لصالح الأشقاء في قطاع غزة، وأي منطقة أخرى من العالم تعرضت لكوارث بشرية أو طبيعية، مثل الحروب والزلازل والفيضانات. ولهذا، عبّرت الأمم المتحدة عن تقديرها لهذه المساعدات، والتي تشكّل نسبة 43% من إجمالي المساعدات العالمية في قطاع غزة، حيث ما فتئت الإمارات تقدم مساعداتِها الإنسانيةَ بشكل متواصل ودون انقطاع.
 خلال أربعة وخمسين عاماً، حققت دولة الإمارات إنجازاتٍ رائدةً على مختلف الصُعد. فعلى الصعيد الاقتصادي، نجحت الدولة في بناء اقتصاد متنوع يعتمد على الابتكار والمعرفة، وبفضل هذا النجاح أصبحت مركزاً عالمياً للتجارة والطيران والسياحة والخدمات اللوجستية، كما رسخت مكانتَها كأحد أهم الاقتصادات نمواً في المنطقة، وكل ذلك بفضل ما تملكه من رؤى استراتيجية وخطط تنموية طموحة.
 أما على الصعيد الاجتماعي، فقد شهدت الدولةُ تطوراً نوعياً في مجالات التعليم والصحة والإسكان والبنية التحتية، إضافةً إلى الاهتمام بتمكين المرأة والشباب، وإطلاق المبادرات التي تعزّز جودةَ الحياة وتدعم استدامة المجتمع.
 وفي مجال العلوم والتكنولوجيا، أثبتت الإماراتُ ريادتَها من خلال مشاريعها الفضائية، وفي مقدمتها «مسبار الأمل» والمستكشف القمري «راشد»، إلى جانب برامج التحول الرقمي والابتكار.
 وفي الجانب الدبلوماسي، رسّخت الإماراتُ حضورَها الدولي عبر سياسة خارجية فاعلة ومتزنة، تقوم على تعزيز السلم والاستقرار، وتقديم الدعم الإنساني للدول المحتاجة، حتى أصبحت نموذجاً عالمياً في العطاء.
 ويحمل العيد الوطني دلالاتٍ عميقةً بشأن تعزيز الهوية الوطنية وترسيخ قيم الاتحاد، وبصفة خاصة فيما يتعلق بالوحدة والتسامح والعطاء. وتُجسّد هذه المناسبةُ حالةَ الالتحام بين أبناء الوطن وتمسكهم بإرث الآباء المؤسسين. كما تمثل فرصةً لتعميق الانتماء الوطني لدى الأجيال الجديدة، وتعزيز الهوية الوطنية، وإبراز الدور المحوري للمجتمع في دعم مسيرة التنمية.
وتواصل قيادةُ دولة الإمارات العملَ على بناء مستقبل أكثر تقدماً وازدهاراً، من خلال رؤى واستراتيجيات طموحة مثل «نحن الإمارات 2031» التي تهدف إلى تعزيز التنافسية العالمية للدولة، وتطوير القطاعات الحيوية، وتمكين الشباب، وتشجيع الابتكار المستدام. ومع كل عيد وطني، تتأكد عزيمةُ الإمارات على مواصلة التقدم والريادة.
 وفي الختام، يمثل العيد الوطني مناسبةً، نستذكر فيها تضحيات الآباء المؤسسين وجهود القيادة الرائدة، وشعبنا الكريم، ونعبّر عن إيماننا بعهدنا الراسخ ووفائنا وولائنا لهذه الأرض الطيبة المعطاء. وإنها لمناسبة جميلة أن نجدد العهدَ بالحفاظ على مكتسبات الاتحاد، وعلى نظرة تفاؤلية نحو مستقبل يحقق للإمارات مزيداً من الرفاه والازدهار. وكما قال صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، فإن «رقي وتحضر الدول يُعرَف من نظامها ونطاقها وأخلاق أهلها»، وهذا ما ينطبق على دولة الإمارات.

*سفير سابق



إقرأ المزيد