جريدة الإتحاد - 12/17/2025 3:37:32 PM - GMT (+4 )
معتز الشامي (أبوظبي)
كان فيرجيل فان دايك واضحاً وحاسماً في رسالته عندما قال: «أظهرنا أننا متحدون تماماً، ونسير للأمام كفريق واحد»، حيث قالها قائد ليفربول عقب انتصارين متتاليين على إنتر ميلان وبرايتون خلال خمسة أيام، نتائج أعادت بعض الاستقرار إلى أجواء «أنفيلد»، بعد فترة مضطربة عاشها بطل الدوري الإنجليزي.
وارتفع هذا الموسم، ما يصفه فان دايك دائماً بـ«الضجيج الخارجي» إلى مستويات غير مسبوقة، نتيجة تراجع حاد في النتائج شهد خسارة الفريق 9 مباريات من أصل 12 في مختلف المسابقات، خلال شهرين منذ أواخر سبتمبر، مع معاناة الصفقات الجديدة في التأقلم، وتراجع مستوى بعض العناصر المخضرمة.
ورغم ذلك، جاءت سلسلة من خمس مباريات دون هزيمة، بينها ثلاث مباريات بشباك نظيفة، لتمنح الفريق متنفساً مؤقتاً، فان دايك أكد أن «الأداء في الفترة الأخيرة يتحدث عن نفسه»، لكن الحقيقة أن غرفة الملابس كانت ولا تزال تحت اختبار قاس، بدأ منذ الصدمة الإنسانية برحيل ديوجو جوتا في يوليو، اللاعب المحبوب الذي شكّل عنصراً مهماً في تتويج الموسم الماضي، وهو ما تم كشفه عبر تقرير موسع لصحيفة «ذا أتليتك».
في عهد يورجن كلوب، اعتمد ليفربول على مجموعة قيادة واضحة ضمت فان دايك، جوردان هندرسون، جيمس ميلنر، ترينت ألكسندر-أرنولد، آندي روبرتسون وأليسون، ثم انضم إليهم صلاح لاحقاً، لكن المدرب الحالي أرني سلوت ابتعد عن هذا النهج، مفضّلاً الاعتماد بشكل أساسي على القائد ونائبه لضبط الإيقاع داخل الفريق.
وظل فان دايك الركيزة الأساسية والواجهة العلنية للفريق، منذ تعيينه قائداً في يوليو 2023، ألزم نفسه بالحديث للإعلام بعد كل مباراة، بغض النظر عن النتيجة، واضعاً نفسه في صدارة المشهد كقائد يتحمل المسؤولية، إلى جانبه يبرز آندي روبرتسون، صاحب الصوت القوي داخل غرفة الملابس، والذي نال شارة نائب القائد بعد رحيل ألكسندر-أرنولد، لما يقدمه من تأثير ثقافي وشخصي داخل النادي.
أما الحارس أليسون، فيُنظر إليه كشخصية ناضجة ذات كلمة مسموعة، لم يكن اختياره لمواجهة الإعلام مع سلوت قبل مباراة إنتر مصادفة، خاصة في توقيت حساس عقب تصريحات صلاح، حيث تعامل مع الأسئلة بثبات وهدوء.
محمد صلاح، البالغ 33 عاماً، يُعد قائداً من نوع خاص، تأثيره تاريخياً، جاء عبر الأداء داخل الملعب أكثر من الخطابة، وفي المقابل، بدأ دومينيك سوبوسلاي يفرض نفسه كقائد مستقبلي محتمل، بفضل حضوره القوي وتعدد أدواره وقدرته على التعامل مع الضغط، اللاعب المجري يمتلك «هالة» تميّزه، ويتناغم مع شخصيات مختلفة داخل الفريق، كما يُعد من المقربين لصلاح.
كودي جاكبو يُنظر إليه كشخصية ناضجة، بينما يعيش كورتيس جونز الهزائم بشكل أعمق، وكانت صراحته لافتة بعد الخسارة الثقيلة أمام أيندهوفن، حين اعترف بأن الفريق «في مأزق، ويجب أن يتغير الوضع».
وقد جلب صيف التغييرات الكبير تحديات إضافية، حيث لعب دايك وروبرتسون دوراً مهماً في مساعدة الصفقات الكبرى، ألكسندر إيزاك، فلوريان فيرتز وهوجو إيكيتيكي، على التأقلم خارج الملعب، لكن الأمور لم تكن سهلة، خاصة لفيرتز الذي شعر بالإحباط من بدايته البطيئة، ونال بعض الانتقادات بشكل شخصي، في ظل عدم تسجيله حتى الآن رغم صفقة انتقاله الضخمة.
إيزاك، القادم كهداف مُجرّب في الدوري الإنجليزي، بدا أكثر تحفظاً وهدوءاً، فيما ظهر إيكيتيكي بشخصية اجتماعية جريئة، غير مكترث بالضجيج الإعلامي، ومصادر قريبة من الفريق تحدثت عن وجود «طاقة البطل» بين عناصر الخط الأمامي، حيث يبحث أكثر من لاعب عن إثبات ذاته في فريق بُني بتكلفة عالية، ما خلق في ذروة الأزمة شعوراً بأن الفريق أصبح «مجموعة أفراد».
التغييرات الواسعة في قائمة الفريق أثّرت في الانسجام داخل الملعب وخارجها. رحيل لاعبين كانوا يشكلون جسوراً اجتماعية بين الثقافات المختلفة زاد من صعوبة بناء الروابط. ومع غياب الانسجام في بعض الخطوط، وتراجع الاستقرار الفني، يمر ليفربول بفترة انتقالية حقيقية.
بينما مستقبل صلاح لا يزال غير محسوم، وروبرتسون وكوناتي يقتربان من نهاية عقديهما، والحاجة إلى قادة جدد تفرض نفسها، في الوقت الراهن، لا يملك ليفربول ترف التفكير بعيداً، لكن المطلوب أولاً تثبيت صحوته الأخيرة. بعدها فقط، قد تتضح الإجابة عن السؤال الأهم، إلى أي مدى هذا الفريق متحد فعلاً؟.
إقرأ المزيد


