جريدة الإتحاد - 12/26/2025 12:41:39 AM - GMT (+4 )
مع اقتراب نهاية العام 2025، «عام المجتمع»، ثمة حصيلة هائلة من الإنجازات التي حققتها دولة الإمارات العربية المتحدة، في مسار يخدم بناء نسيج مجتمعي أكثر تلاحماً، ويعكس نهجاً تنموياً يضع الإنسان في مقدمة أولويات العمل الوطني والسياسات العامة.
وقد رسخت رؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، هذا المسار، رابطةً التماسك الاجتماعي بالاستدامة الاقتصادية، ومؤسِّسةً لعلاقة ثقة متبادلة بين المجتمع ومؤسساته، ومُرسِّخةً لثقافة المسؤولية الجماعية التي تضمن مشاركة فاعلة لكل قطاعات المجتمع في دعم عملية التنمية الشاملة.
ورغم اتساع رقعة المبادرات التي طُرحت خلال عام المجتمع وصعوبة حصرها، فإن المؤشرات الرسمية ترسم صورة دقيقة لما تحقق. ففي محور التمكين الاقتصادي، أعلنت وزارة تمكين المجتمع أن «مشروع 971 من المجتمع»، الذي يضم 32 مشروعاً وطنياً طموحاً لرواد الأعمال من الأسر، حقق عائداً اقتصادياً بلغ 100 مليون درهم، واستفادت منه 986 أسرة عبر دعم ريادة الأعمال المنزلية، استناداً إلى بحوث اجتماعية متكاملة تراعي الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية للمستفيدين.
وفي مسار بناء «القطاع الثالث»، الذي يُعد رافعة تنموية جوهرية لتحسين جودة الحياة، أظهرت البيانات أن المنصة الموحدة سهّلت تسجيل وإدارة 842 مؤسسة نفع عام، مع تقليص الإجراءات البيروقراطية بنسبة 50%، واختصار زمن المعاملات بنحو 30 يوماً. كما أسهم السجل الوطني للقطاع الثالث في توحيد بيانات 88% من هذه المؤسسات، بما عزز الشفافية والحوكمة ورفع كفاءة العمل الأهلي. وعلى مستوى الأثر الاجتماعي المباشر، جرى دعم 3847 أسرة للانتقال إلى الإنتاجية والاندماج في سوق العمل.
أما التطوع، فقد سجّل قفزة نوعية، إذ استوعبت المنصة الوطنية للتطوع 630 ألف متطوع، مع خطة للوصول إلى مليون متطوع بحلول عام 2031. وبالتوازي، جمعت منظومة التبرعات 1.5 مليار درهم لدعم مشاريع تنموية، فيما تؤكد بيانات الوزارة تحقيق الإمارات أكثر من 14 مليون ساعة تطوعية خلال الفترة 2017–2024، شكّل الشباب نحو 60% منها، بالتزامن مع إطلاق «إطار التطوع والمشاركة المجتمعية» لتطوير التطوع التخصصي وتوسيع قاعدته.
وعلى المستوى المحلي، تُرجمت أهداف «عام المجتمع» إلى خدمات يومية ذات أثر مباشر، إذ استفاد 55 ألف شخص من 20 مبادرة مجتمعية خلال رمضان 2025 ضمن برامج هيئة الطرق والمواصلات في دبي. وفي أبوظبي، قام 68 مجلساً مجتمعياً موزعة بين أبوظبي والعين والظفرة بدور محوري في ترسيخ منظومة القيم الوطنية، وتعزيز الروابط المحلية والعمل الأهلي.وعلى الصعيدين الإقليمي والدولي، حققت دولة الإمارات المركز الأول إقليمياً والسابع عالمياً في مؤشر التماسك الاجتماعي، ما يعكس متانة النسيج المجتمعي وصلابة بنيانه، في منطقة تشهد العديد من الانقسامات والتوترات الداخلية على خلفيات ثقافية ودينية وعرقية وجهوية، ما يؤكد قدرة الإمارات على ترسيخ قيم الوحدة والتكافل والتضامن والتلاحم، والحفاظ على النسيج الاجتماعي المتماسك رغم هذه الظروف الخارجية الصعبة.
وفي هذا السياق، تبرز دولة الإمارات بوصفها نموذجاً راسخاً للوحدة والاتحاد، وبيتاً متوحداً ومجتمعاً متماسكاً تحكمه روابط وثيقة، وقيادةً رشيدة تضع مصالح الوطن والمواطنين على قائمة أولوياتها، وتسعى بشكل دؤوب لترسيخ مكانة الإمارات المتميزة على الصعيدين الإقليمي والدولي وإسعاد مواطنيها والمقيمين على أرضها الطيبة.
إن «عام المجتمع» لم يكن مجرد شعار رمزي، بل شكّل منصة لتعزيز الوعي الجماعي، حيث تُستعاد الوطنية كفعل بناء مشترك، وتقوى الروابط الاجتماعية، ويُستثمر التنوع لتعزيز التماسك، لتتحول الهوية الوطنية إلى طاقة جامعة، تُحوّل التحديات إلى فرص حقيقية تدفع نحو تحقيق المزيد من الإنجازات والنجاحات في مختلف القطاعات، بما يرسخ الاستقرار الاجتماعي، ويعزز قيم التضامن والانتماء بين أفراد المجتمع.
ومع الانتقال إلى «عام الأسرة 2026»، تتجلى سمة الاستمرارية المؤسسية التي تميز سياسة دولة الإمارات، حيث يبدأ بناء مجتمع قوي من أسرة متماسكة، مستندة إلى منظومة تمكين أُعيد تصميمها بعناية خلال 2025، لتكون قاعدة صلبة تنطلق منها سياسات الأسرة باعتبارها الركيزة الأساسية للمجتمع القادر على تعزيز القيم الأسرية، ودعم التنمية المستدامة، وتمكين الأجيال الجديدة، والحفاظ على الهوية الوطنية الأصيلة.
*صادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.
إقرأ المزيد


